فكك الجيش المصري أمس متفجرات زرعها مجهولون على شريط سكك حديد يصل بين محافظتي السويس والإسماعيلية، فيما هز انفجار قسم شرطة في القاهرة، ما يرسّخ اعتقاداً بأن مصر تتجه نحو سلسلة من التفجيرات، لا سيما أن الحادثين الجديدين جاءا بعد محاولة فاشلة لاغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم. وكشفت مصادر أمنية ل «الحياة» أن السلطات المعنية باتت تمتلك «معلومات مهمة» حول منفذي الهجوم ضد الوزير، متوقعة «الكشف قريباً عن تفاصيل الحادث». ويأتي ذلك في وقت وسّع الجيش المصري من عملياته في شمال شبه جزيرة سيناء، ونفذ أمس عمليات دهم واسعة لملاحقة مطلوبين أمنياً في مدينة الشيخ زويد، بالتزامن مع قصف بالصواريخ من طائرات «الأباتشي» القتالية على بؤر يستوطن فيها مسلحون. وأفيد أن نحو 30 مسلحاً سقطوا ما بين قتيل ومصاب، إضافة إلى القبض على نحو 15 آخرين. وقال مصدر أمني مسؤول ل «الحياة» إن «معلومات مهمة» تم التوصل إليها في خصوص الجهة التي تقف وراء المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية، مشيراً إلى أن الإعلان عن تفاصيل العملية ومنفذيها «بات قريباً». وبينما استبعد المصدر فرضية ضلوع أعضاء في جماعة «الإخوان المسلمين» في الحادث الذي وقع صباح الخميس الماضي، فإنه جزم ب «علاقة تربطهم ولو بالاتفاق الضمني» مع منفذي الهجوم الذي سارعت جماعة «الإخوان» إلى إدانته والنأي بنفسها عنه. لكن المصدر الأمني قال إن «مثل هذه العملية الدقيقة أكبر من إمكانات أعضاء الإخوان، ولكن منفذي الحادث بالتأكيد على صلة ضمنية بالإخوان»، في إشارة إلى أنهم قاموا بمحاولة الاغتيال كما يبدو بسبب تضامنهم مع جماعة «الإخوان» التي تولت الحكم في مصر قرابة سنة قبل أن تطيحها «ثورة 30 يونيو» التي دفعت الجيش إلى عزل الرئيس «الإخواني» محمد مرسي. وأقر المصدر الأمني بصعوبات كبيرة تواجه أجهزة الأمن في جهودها «لكشف الخلايا الإرهابية التي باتت منتشرة في البلاد». وقال: «هذه تنظيمات عنقودية كانت كامنة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي الذي وفّر لها الحماية، والآن هي بدأت في الظهور على السطح وتنفيذ عمليات هنا وهناك»، لافتاً إلى إمكان ارتباط بعض تلك الخلايا بتنظيم «القاعدة». وفي إطار مرتبط، كادت مصر تواجه كارثة مروعة أمس لو لم يعثر رجل بالصدفة على دانات مدافع وهاون وقنابل زرعها مجهولون على شريط سكك حديد السويس - الإسماعيلية، عند قرية أبو عارف، فسارع إلى إبلاغ أجهزة الأمن التي حضرت وفككت المتفجرات، قبل دقائق فقط من مرور قطار الساعة السادسة صباحاً والقادم من محافظة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة). وكان التفجير سيؤدي لا محالة إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، إذ إن القطارات تكون عادة ممتلئة عن آخرها بالركاب الذين يستخدمونها للذهاب إلى أعمالهم. وعلى الفور أوقف الجيش الثالث الميداني المكلف تأمين مدينتي الإسماعيلية والسويس حركة القطارات، وتم نشر فرق اكتشاف المفرقعات، كما تم تمشيط شريط السكك الحديد للبحث عما إذا كان قد تم زرع متفجرات في أماكن أخرى. ورجح مصدر عسكري تحدث إلى «الحياة» ضلوع مجموعات مسلحة تطلق على نفسها «كتائب الفرقان» التي كانت قد تبنت إطلاق قذائف «آر بي جي» على سفينة بضائع كانت تمر في المجري الملاحي لقناة السويس قبل أيام، مشيراً إلى تحقيقات وتحريات واسعة تجري الآن لكشف أعضاء هذا التنظيم الذي يتخذ على ما يظهر من مدن قناة السويس مقراً له. وأعلن مدير أمن السويس اللواء خليل حرب أن قوات الجيش والشرطة في السويس تقوم حالياً بتأمين الشركات البترولية والمنشآت والمدخل الجنوبي لقناة السويس، مؤكداً أن كل المنشآت مؤمنة تماماً. وعقب حادث خط السكك الحديد، هز انفجار قنبلة بدائية الصنع قسم شرطة بولاق الدكرور في محافظة الجيزة، من دون سقوط ضحايا. وأوضح مصدر أمني أن مجهولين ألقوا قنبلة محلية الصنع على قسم شرطة بولاق الدكرور، لكنها لم تسفر عن وقوع إصابات أو خسائر. وأعلنت وزارة الداخلية أمس توقيف المتهم الرئيسي في ما عُرف إعلامياً ب «خلية مدينة نصر» التي تم تفكيكها أواخر العام الماضي ويمثل الموقوفون من أعضائها أمام القضاء حالياً بتهمة «التخطيط لارتكاب عمليات إرهابية ضد منشآت الدولة الحيوية». وقال مصدر أمني إن أجهزة الأمن دهمت فجراً منزلاً يقطنه نور الدين سالم في إحدى المناطق المهجورة في منطقة شبرا الخيمة (غرب القاهرة)، حيث عثر بحوزته على أجهزة كمبيوتر وأسطوانات مدمجة. وأحيل الموقوف على النيابة التي أمرت بحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيق بتهمة تأسيس وإدارة جماعة تنظيمية على خلاف أحكام القانون والدعوة إلى تعطيل أحكام القوانين ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها والإضرار بالمصلحة العامة. وأما على صعيد العمليات العسكرية في سيناء، فقد نفذت قوات الجيش في شمال سيناء حملة دهم واسعة النطاق شملت مناطق جنوب الشيخ زويد ورفح صباح أمس، فيما قامت طائرات الأباتشي القتالية بقصف أهداف عدة لمعاقل الجهاديين في مناطق المقاطعة والظهير والتومة والجورة والمهدية، ما أسفر عن سقوط نحو 30 ما بين قتيل وجريح، إضافة إلى توقيف 15 آخرين. وأفيد أن الحملة تضم نحو 30 مجنزرة وست مروحيات لتعقب العناصر الهاربة بعد عملية المداهمات البرية التي أسفرت عن ضبط عدد من هذه العناصر. كما حوصرت مناطق في جنوب رفح لوجود جهاديين داخلها. وقال مصدر عسكري مسؤول ل «الحياة» إن قوات الجيش بدأت السبت حملة واسعة لتمشيط البؤر الإجرامية في شمال سيناء، من دون أن يتم تحديد موعد زمني لنهايتها. وأضاف أن الحملة بدأت بقرى التومة والمقاطعة والظهير والمهدية والعجرة والمقاطعة.