تلقفت السلطات المصرية أمس طرف خيط قد يقودها إلى كشف تفاصيل المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم التي جرت صباح أول من أمس لدى خروجه من مسكنه في حي مدينة نصر (شرق القاهرة). وعلمت «الحياة» أن أشلاء لجثة قتيل عثر عليها في محيط السيارة التي تم تفجيرها أجرت السلطات المصرية لها تحليل الحامض النووي للتوصل إلى هوية صاحبها، فيما كشفت النيابة عن تعرض وزير الداخلية لهجوم مسلح أعقبه انفجار سيارة مفخخة. وأوضحت النيابة في بيان أنها وجدت آثار إطلاق نيران على السيارة الخاصة بالوزير و3 سيارات ضمن موكبه. وأفادت أن محققيها عثروا أيضاً على آثار طلقات وأعيرة نارية داخل العقارات المحيطة بمكان الحادث، ما يشير إلى أن الانفجار تزامن معه هجوم لمسلحين، وهو ما أكدته شهادات مصابين أشاروا إلى أن موكب الوزير تعرض لإطلاق رصاص مكثف أعقبه انفجار. وكانت وزارة الداخلية نفت تعرض الموكب لهجوم مسلح، وبررت أصوات إطلاق الرصاص الذي سُمع في مكان الحادث، بمحاولة حراس الوزير تأمين إجلائه إلى مكان آمن. وأعلنت أجهزة الأمن توقيف مالك السيارة التي تم تفجيرها، وأفيد أنه يقطن حي حدائق القبة (شرق القاهرة) البعيد من مكان الحادث. وتردد أن السيارة كانت مسروقة، وفيما أعلنت وزارة الصحة أمس وفاة جندي يدعى علي سيد عبدالعظيم متأثراً بإصابته جراء الانفجار الذي استهدف وزير الداخلية، استمرت ردود الفعل المنددة بالحادث. وحمل مصدر أمني مسؤول تحدث إلى «الحياة» على أطراف خارجية لم يسمها واتهمها ب «الضلوع في محاولة الاغتيال»، موضحاً أن دقة تدبير الحادث وحجم المتفجرات المستخدمة يلقي بأصابع الاتهام تجاه أطراف خارجية قد تكون «خططت ومولت .. لكنها استعانت بخلايا داخلية لتنفيذ العملية». ولم يستبعد المصدر أن يكون «مهندس العملية» من القادة الجهاديين الذين يستوطنون شبه جزيرة سيناء، مشيراً إلى أن تحقيقات ستجري مع مسلحين أوقفتهم أجهزة الأمن في عمليات دهم حصلت في سيناء. وقال: «ربما يكون من بين منفذي العملية أجانب»، وقال: «هناك اختراق حصل للجبهة الداخلية.. وأوقفنا عدداً من حاملي الجنسيات الأجنبية خلال الأسابيع الأخيرة سواء في سيناء أو المحافظات المصرية». وأشار المصدر إلى أن تحليلاً للحامض النووي أجري على أشلاء قتيل عثر عليه في محيط السيارة التي تم تفجيرها «قد يقودنا إلى منفذ العملية». وأضاف أنه «يجري الآن التحقيق مع مالك السيارة التي استخدمت لاستهداف موكب وزير الداخلية، بعد توقيفه، وهو من قاطني حي حدائق القبة لمعرفة أسباب وجود سيارته في مكان الحادث والوقوف على مدى صلته بالحادث الإرهابي. ويجري أيضاً التحقيق مع عدد من سكان منطقة الحادث وشهود عيان، إضافة إلى مشتبه فيهم». وقال: «لن نترك أي طرف خيط يمكن أن يقودنا إلى منفذي تلك العملية». وكان لافتاً أن وزارة الداخلية المصرية أعلنت أمس توقيف اثنين من المطلوبين على ذمة قضية «مدينة نصر» الإرهابية التي تم توقيفها أواخر العام الماضي، وتُنظر أمام المحاكم الآن، لكن من دون أن توضح ما إذا كان لهما صلة بمحاولة اغتيال الوزير إبراهيم. وأوضحت الوزارة في بيان أن أجهزة الأمن نجحت في ضبط اثنين من العناصر المطلوب ضبطها على ذمة قضية خلية مدينة نصر الإرهابية، والصادر قرار من النيابة بإحالتهما على محكمة الجنايات، حيث تم توقيف عماد. ع. م (40 عاماً)، ومقيم في محافظة القليوبية (دلتا النيل)، وعثر بحوزته على 2 طبنجة إحداهما معدلة لإطلاق الأعيرة النارية الحية، وجهاز حاسب آلي، وهاتف محمول، كما تم ضبط نور الدين (25 عاماً)، ومقيم في القليوبية أيضاً، وبحوزته جهاز كومبيوتر، وهارد ديسك، ولاب توب، و2 هاتف محمول. واستمرت أمس ردود الفعل، إذ أكد الأزهر الشريف أن محاولة اغتيال وزير الداخلية «عمل إجرامي إرهابي، ينم عن الخسة والجبن، وموجّه بصفة أساسية ضد استقرار الوطن، ولن يزيد الشعب المصري إلا تماسكاً وتوحداً في مواجهة مثل هذه الجرائم التي أثبتت التجارب فشلها خلال العقود الماضية، وتحطمت على صخرة إرادة الشعب المصري». وبالمثل، أعلنت وزارة الأوقاف، في بيان، رفضها واستنكارها مثل هذه «الأفعال الإجرامية». ودان نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامي محاولة اغتيال وزير الداخلية، وقال إن ما حدث يمثّل حدثاً خطيراً ومنعطفاً جديداً من مسالك العنف في مصر، لكنه رأى أن «الحل الأمني وحده لا يكفي، وأنه لا بد من معالجة فكرية منهجية وحل سياسي لمنع تكرار مثل هذه الحوادث». وشدد المجلس القومي لحقوق الإنسان على ضرورة مقاومة الإرهاب، واصفاً الحادث بأنه «انتهاك للحق في الحياة والعيش الآمن الكريم وهي أهم حقوق الإنسان». دولياً أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها الشديد تجاه الأوضاع في مصر ودانت حادث محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم ووصفته ب «العمل الإرهابي» مطالبة بمحاكمة المسؤولين عنه. وقال بيان أذاعته السفارة الألمانية في القاهرة الجمعة نقلاً عن حكومة برلين، إن جميع القوى السياسية في مصر مدعوة للبدء في العملية السياسية الشاملة حتى تتمكن مصر من الوصول إلى الديموقراطية والأمن والسلام والاستقرار. ودانت فرنسا الهجوم، مذكّرة ب «رفضها الإرهاب بأشكاله كافة». وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو إن «فرنسا تدين بأكبر قدر من الحزم الاعتداء». ودانت الصين أيضاً الانفجار وقالت «نتطلع بأن تدفع مصر باتجاه عملية انتقالية سياسية شاملة وتستعيد النظام والاستقرار الاجتماعي». وبالمثل دانت وزارة الخارجية الروسية «العملية الإرهابية التي وقعت في القاهرة»، وشددت على ضرورة «محاربة كل أشكال الإرهاب بلا هوادة». وأضافت «ندعو إلى منع استخدام العنف لتحقيق الأهداف السياسية»، مؤكدة اعتقادها بأن الطريق الوحيد لتحقيق تقدم يستجيب لمصلحة المصريين كافة هو الحوار البناء بمشاركة القوى السياسية الرئيسية.