طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس من مختلف القوى السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني لإنجاز الوثيقة النهائية لمخرجات الحوار الوطني الدائر منذ آذار (مارس) خلال أسبوعين، في حين لاتزال عقبة «الحراك الجنوبي» تعترض التوصل إلى توافق على شكل الدولة الجديدة، بعد انسحاب ممثليه أخيراً، ومطالبتهم بنقل الحوار إلى خارج البلاد وجعله ندياً بين ممثلين من الشمال والجنوب بالتساوي. جاء هذا مع تجدد الهجمات القبلية أمس على المصالح الحيوية وتفجير الأنبوب الرئيس لتصدير النفط في مأرب (شرق صنعاء)، وكذا غداة إطلاق مسلحين النار على موكب رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة بالقرب من منزله في صنعاء، ما اعتبره مقربون منه محاولة فاشلة لاغتياله، في حين أكدت مصادر أمنية ل «الحياة» أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحادث كان عرضياً ولا يحمل أي دوافع سياسية». وهوّن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من شأن الهجوم المسلح على موكب رئيس وزرائه قائلاً إنه «حادثة معزولة» متعهداً بإلقاء القبض على الضالعين في الهجوم وإنزال العقاب بهم. كما أكد هادي في اجتماع استثنائي عقده أمس في صنعاء مع أعضاء هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني وقادة الأحزاب والمكونات السياسية بحضور مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، أن «الظرف الدقيق الذي يمر به اليمن لا يسمح بالتردد أو التخوف أو الحسابات الخاطئة بل يجب أن يكون المرء مقداماً على قدر عزيمته الوطنية ويطرح ويبوح بكل شيء وبوضوح». وقال هادي» إن التاريخ دائماً لا يرحم من ينكث بالعهود والعقود ولا يرحم المتخاذلين والمترددين خصوصاً عندما يكون ترددهم من موقع الاقتدار على فعل ما يصب في مصلحة البلد وأمنه واستقراره» في إشارة إلى مدى استيائه من محاولة بعض الأطراف عرقلة الحوار وإفشاله، بخاصة بعد فشل المحاولات المبذولة لإقناع ممثلي «الحراك الجنوبي» بالعودة إلى طاولة المناقشات. ويفترض أن ينتهي الحوار اليمني الدائر في سياق تنفيذ اتفاق «المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة» مع الجلسة الختامية المقررة في 18 أيلول (سبتمبر) الجاري، تمهيداً لبدء كتابة الدستور الجديد وطرحه للاستفتاء الشعبي بحلول نهاية العام وصولاً إلى انتخابات عامة في شباط (فبراير) المقبل تنتهي بموجبها المرحلة الانتقالية. وتطرق هادي إلى الدعم الدولي والإقليمي الذي يحظى به الحوار، مؤكداً ضرورة الاستفادة منه، كما أشار إلى طبيعة المشكلات الاقتصادية التي تواجه اليمن. وخاطب الرئيس اليمني الحاضرين، منبهاً إلى نفاد الوقت أمام الاستحقاقات الوطنية وقال «الوقت يمضي بسرعة ونحن أمام خياراتنا الوطنية ولا بد من تغليب مصلحة الوطن العليا على ما عداها من المصالح الضيقة وأن نكبر فوق الخلافات بعد أن أنجزنا مشروعنا الوطني الكبير في منظومة حكم جديدة ترتكز على الدولة المدنية الحديثة والعدالة والحرية والمساواة». وزاد قائلاً «الجميع سينهمك خلال هذين الأسبوعين في إعداد وثيقة الحوار الوطني بصورة نهائية وسيكون ذلك إنجازاً وطنياً وتاريخياً لليمن بصورة غير مسبوقة». وعلمت «الحياة» أن جهوداً غربية وعربية تبذل لإقناع ممثلي «الحراك الجنوبي» بالعودة إلى الحوار الوطني لحسم القضايا المصيرية المتعلقة بمستقبل الدولة في اليمن ونظام الحكم والتقسيم الإداري الجديد، مع بقية الأطراف السياسية، خصوصاً بعد جملة من الإجراءات اتخذتها الحكومة أخيراً لمعالجة المظالم التي يشكو منها الجنوبيون. ويميل أغلب المتحاورين اليمنيين، إلى إقرار دولة اتحادية ذات نظام فيديرالي يجمع أقاليم لم يحسم عددها بعد، ولا حدودها الجغرافية، وهو الخيار الذي يدعمه هادي نفسه، في وقت يتبنى فصيل جنوبي معارض مطلب الانفصال عن الشمال، والعودة إلى ما قبل الوحدة 1990. وأعرب المبعوث الأممي جمال بنعمر خلال الاجتماع، عن تقدير الأممالمتحدة لما يصنعه أبناء اليمن من أجل مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وشبابهم، وقال إن «المجتمع الدولي ينظر إلي اليمن بإعجاب شديد ويدعم مخرجات حواره الذي يعتبره أهم حوار وطني على مستوى منطقه الشرق الأوسط».