قلل البروفيسور في مكافحة الجريمة والإرهاب والمستشار الأمني الدكتور يوسف الرميح من مستوى ذكاء مرتكبي الجرائم في المجمل، وقال في حديث ل «الحياة»: «أغلب المجرمين يتصفون بنسبة ذكاء قليلة، يدل على ذلك عجلتهم في انتظار سرعة النتائج، ورغبتهم في تحقيق أهدافهم بأسرع وقت وفي أقل جهد»، وأضاف «من ضمنهم متناولو الخمور والمخدرات والمؤثرات العقلية، وأثبتت الدراسات التي أجريت حول بعض المساجين أنهم من ذوي التعليم البسيط، وأغلبهم فاشلين دراسياً». واستثنى مستوى ذكاء مرتكبي الجرائم الإلكترونية كالتزييف، والتزوير، والاختراق، معتبراً أنهم «يتميزون بنسبة ذكاء تفوق الشخص العادي، فمجرم هذا النوع من الجرائم يحسب العواقب والبدائل قبل تنفيذ القرار، وهو ما يميز نسبة ذكائه». وأضاف «الإحساس بالذنب والنقص، والدونية، شعور يخالجهم، بالأخص المسلمون منهم، إذ لا يشعرون من وراء جرائمهم بأي فخرٍ أو انتصار». وفي خصوص أبرز سمات مرتكبي الجرائم من الناحية العلمية قال: «الرغبة العاجلة في الحصول على النتيجة بأقل جهد ووقت، كذلك الغيرة من الأشياء التي يمتلكها الآخر، بصرف النظر عن مدى حاجته لها ومبرره في ذلك، فالبعض يرتكب جريمته بدافع الحصول على كماليات ترفيهية، وليس بسبب نقص المادة، وهو ما يؤكد أن البطالة ليست دافعاً رئيساً لارتكاب الجريمة، ونلاحظ أن عدداً كبيراً من العاطلين لا يمارسون الأمر، بينما نجد الكثير من غير العاطلين أصحاب المهن، ممن عليهم قضايا أمنية يفعلونه». ونفى الرميح أن يكون للوراثة دور في ارتكاب الجريمة وقال: «اعتياد الابن على تصرفات معينة من قبل والدية، كالسرقة والنهب أو الاختلاس وغيرها من أنواع الإجرام، قد يخلق لديه تصوراً على أن الأمر طبيعي، وهو ما قد يوجهه بطريقة ما للطريق، المقصد من ذلك أن الجينات الوراثية ليس لها دخل في الأمر، بل إن الأمر له دخل في أسلوب التربية». واعتبر من وجهة نظره الشخصية أن جرائم الخمور «تحتل الصدارة في السعودية يليها السرقات»، وأوضح «الأمر غير مبني على إحصائية أو دراسة رسمية، لكنه تقدير شخصي، ذلك لاعتبار السكر بحسب شريعتنا جريمة، بينما نجد أن الإحصائيات الجنائية حول الأمر ذاته تختلف وتقل في الدول المجاورة التي تسمح به». من جهته أكد استشاري الطب النفسي ومدير الخدمات العلاجية في مستشفى الأمل للصحة النفسية الدكتور وليد الملحم أن «الفقر ليس دافعاً رئيساً نحو ارتكاب الجرم»، في إشارةٍ منه إلى أن الكثير منهم (فقراء العالم) صنعوا من ظروفهم حافزاً نحو الإبداع والنجاح. وأضاف «في البعض من الأحيان يُولّد الغنى الفاحش باباً للجريمة وهو عكس ما يتوقع البعض». وفي خصوص تخصص الطب النفسي الجنائي ودور التقارير الطبية في الحكم الذي سيقع على مرتكب جرم ما قال: «الطب النفسي الجنائي هو أحد التخصصات التي تتناول جميع القضايا، وما يُحال إلية من المحاكم فهو لأخذ الخبرة العلمية والرأي الطبي على شكل التقرير الطبي، بالأخص في القضايا التي يُعتقد من خلالها أن الجريمة كان دافعها المرض أو الاضطراب الشخصي». لافتاً أن التقارير الطبية الممنوحة من قبل المستشفى «تستوجب تحديد المسؤولية الجنائية من عدمها، وتحديد مدى خطورة المريض، وإبداء الرأي حيال التعامل والعلاج لذلك النوع من الحالات، إذ إن البعض من المرضى المحولين من اللجان الطبية النفسية هم مرضى الانفصام واضطرابات المزاج، واضطرابات الإدمان، والاضطرابات الشخصية». وحول الحالات التي تختص بالسجناء قال: «تردنا الكثير من الحالات التي تتعلق بمساجين قاموا بعمليات نهب أو سطو أو سرقة، أو الترويج لمواد مخدرة، وبتقييم الحالات وتفحصها، يتبين لنا أن نسبة كبيرة منهم يقعوا ضمن المصابين (بالاضطرابات الشخصية المضادة للمجتمع)، والدراسات تشير إلى أن هذا النوع من الأمراض يبدأ منذ سن الطفولة كانحراف في السلوك لكن تشخيص الفرد لا يتم إلا حين بلوغه سن الثامنة عشرة». وكشف أن «إصابات الرجال أكثر شيوعاً بهذا النوع من الأمراض من النساء». وفي جانب الأعراض المصاحبة للمريض المصاب باضطراب الشخصية المضاد للمجتمع بين أن «المصاب يتميز بالاندفاعية، وعدم الاكتراث للآخرين، لا يبالي بأي ردة فعل حوله، ويفعل ما يشاء في أي وقت، ويعتدي على حقوق الآخرين، ويستخدم السلاح، و لدية انحراف في السلوك «لا أخلاقي» وهو ما يعرضه والآخرين لأمراض جنسية، ومن سلوكهم، تعاطي المخدرات، وتكوين عصابات، وجرائم مختلفة بدون الشعور بأي ذنب أو ندم». وأرجأ دخول الأحداث القصر على هذا النوع من القضايا ل «انحرافات سلوكية مرجئها ضعف التربية، وجهل الوالدين، والإهمال والتفكك الأسري». وذكر أن التقارير الطبية النهائية حول حالة المريض «تقيمه، بعد الفحص، ويُسجن في سجن المستشفى فيما لو كان محكوماً عليه في قضية، ويشرف عليه من قبل طبيبين استشاريين على الأقل لمعرفة مسببات الجريمة، وإن كان مسؤولاً عنها أم لا». مؤكداً أن «المجرمين في حالات معينة يتميزون بمستوى ذكاء أعلى من الشخص العادي».