"الطفل السعيد"، "دنيا الطفل"، "نادي الأطفال"، أسماء لمتاجر يُفترض أنها توفر الألعاب للطفل بغرض تسليته فضلاً عن تنميته، بينما هي في الواقع اليمني تبدو أقرب الى أسماء من قبيل "الطفل المحارب" "نادي القتال" "دنيا المعارك"، لما توفره من كم هائل من ألعاب الأسلحة البلاستيكية. والواضح أن أطفال العاصمة اليمنية صنعاء يقضون أوقاتهم في ممارسة ألعاب هي عبارة عن معارك خيالية يسقط فيها قتلى وجرحى مفترضون، ولذلك بلا شك، تفضل غالبيتهم اقتناء ألعاب على شكل أسلحة. ويبدو أن شيوع هذا النوع من الألعاب مرتبط بالأحوال التي يعيشها اليمن حالياً، مع احتمال أن يؤدي ذلك الى جعل العنف "من ضمن التقاليد" المجتمعية. "مدرسة الحياة" سألت أطفالاً وأهالي عن ألعاب السلاح، وكانت الأجوبة الآتية: عمرو ابراهيم، 12 سنة: فضّلت شراء لعبة المسدس القاذف بالسهم على لعبة كرة القدم لأني أمارس القنص، كنت أفضل المسدس الذي يقذف الخرز لكن سعره كان عالياً. وألعب شبكة قتال بالأسلحة مع أصحابي في ألعاب الفيديو، وهي لعبة تتيح لأكثر من مستخدم الاشتراك فيها وتكوين جبهات حرب، وإذا ما نشبت حرب في الحي الذي أسكنه سأخوضها. يونس توفيق، 9 سنوات: أنا فخور بامتلاكي كلاشنيكوف قاذفاً للخرز، وصرت مثل مراد علمدار (بطل مسلسل تركي)، ألعب مع أصدقائي معارك رجولة وقوة، وفريقنا سيربح الحرب في اليمن. أمجد فيصل، 13 سنة: أفضّل ألعاب الفيديو على ألعاب الواقع، فالحروب والمعارك هناك لها تشويق ومتعة أكثر، الدماء المتطايرة ومشاهد السقوط والموت تضفي على اللعبة بعداً واقعياً. ألعب ضد أخي أيمن، الذي يصغرني بعامين، واشترى مسدساً إلكترونياً يرتبط مع جهاز "البلاي ستيشن". نلعب الحرب مثلما نراها في الأخبار، ونستمتع بها كثيراً. سماح،11 سنة: اشتركت مع أطفال الحي في لعبة الحرب، وأحرص على قيادة فريقي المحارب في معركة افتراضية أسقط أنا في نهايتها. أنا أحب ألعاب السلاح والمعارك، واشتريت الكلاشنيكوف المفضل لديّ، الذي يقذف بحبات الخرز، السلاح يجعلني أبدو قوية أمام صاحباتي. عادل علي، أب لثلاثة أطفال: وجدت نفسي مجبراً على شراء ألعاب تحاكي سلاح الكلاشنيكوف، مع أنها خطيرة، وخصوصاً مسدسات الخرز التي تسبب للأطفال جروحاً وعاهات مستديمة أحياناً، وربما تصل بعض الأحيان إلى فقء عيونهم، كما حدث في حالات كثيرة لأطفال يلهون بالمسدسات البلاستيكية. الإقبال المتزايد للأطفال على شراء الأسلحة يرتبط طبعاً بمظاهر حمل السلاح في المدن وأخبار القتل المتكررة، فالأطفال يحاكون آباءهم في اقتناء السلاح؛ التجّار أغرقوا سوق الألعاب اليمنية بألعاب العنف والقتال، والحكومة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في تفشي الظاهرة لأنها لم تقنّن ولو لمرة واحدة تنظيم مثل هذه التجارة، بينما التجار لا يعبأون بشيء سوى جيوبهم. ثريا مجاهد، متخصصة بعلم الاجتماع: الظاهرة تهدد جيلاً كاملاً، لما لها من تأثير في سلوكيات الأطفال ونفسياتهم، وهي تنمي نزوعهم نحو العنف؛ الأطفال في مراحل نموّهم تأثروا بوقع الحروب التي تطاول اليمن والعالم العربي، وانعكس ذلك في اختيارهم ألعاب الموت والقتال، التي قد ترتبط معهم في مراحل عمرية متقدمة.؛ تخيّل أن هؤلاء الأطفال يوماً ما سيكونون شباباً يافعين، قادرين على حمل السلاح، ولن يكون الموت والقتال أمراً مفاجئاً لهم، لاعتيادهم على مثل ذلك، تخيل أيضاً لو تحققت هذه المعارك الدائرة بين الأطفال وأصبحت معارك حقيقية، سيراق كثير من الدماء.