أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي امس، أن الوكالة وصلت إلى «طريق مسدود» مع إيران حول المسائل العالقة في ملفها النووي، لكنه أبدى امتعاضه الشديد من الاتهامات التي وجهتها إليه اسرائيل وفرنسا بإخفاء ادلة تؤكد «عسكرة» البرنامج الذري لطهران.جاء ذلك في وقت اكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ان حكومته لن توقف «مطلقاً» تخصيب اليورانيوم او تتفاوض على «حقوقها» النووية، مشيراً الى استعدادها لإجراء حوار مع الغرب حول رزمة اقتراحات قدمتها لتسوية «التحديات التي تواجه البشرية». في الوقت ذاته، اكد رئيس مجلس خبراء القيادة هاشمي رفسنجاني ان «تعزيز الوحدة الوطنية والحفاظ على الأجواء الهادئة في المجتمع، يُعتبران من الضرورات التي تحتاجها الثورة الإسلامية في ايران الآن». وقال ان «الثورة الإسلامية تجاوزت عدداً من المؤامرات والفتن التي حاول الأعداء اثارتها في السابق»، محذراً من «الوقوع في فخ الخلافات التي تضرب الوحدة الوطنية». من جهة أخرى، ابلغ علي رضا سلاري نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الأميركية السفيرة السويسرية في طهران ليفيا لو اغوستي التي تتولى بلادها تمثيل المصالح الأميركية في طهران، ان التحقيق في «الدافع الحقيقي» لدخول ثلاثة اميركيين اراضيها من كردستان العراق في شكل «غير مشروع» في تموز (يوليو) الماضي، «سيستغرق وقتاً نظراً الى حساسية التوقيت والمكان». وعلى الصعيد النووي، اشار البرادعي في كلمة القاها خلال افتتاح اجتماع مجلس حكام الوكالة الذرية الذي يستمر اسبوعاً في فيينا، الى ان «ايران تعاونت مع الوكالة في تحسين نظام الضمانات في مفاعل (ناتانز) وفي اتاحة الفرصة للوصول الى مفاعل البحوث النووية في آراك، لأغراض التحقق من معلومات عن التصميم». لكنه ابدى أسفه ل «عرقلة» التحقيق الذي تجريه الوكالة منذ 6 سنوات. وقال: «في كل القضايا الأخرى المتصلة بالبرنامج النووي الإيراني، وصلنا الى طريق مسدود. ايران لم تعلق نشاطاتها المرتبطة بالتخصيب ولا اعمالها المتعلقة بمشاريع مرتبطة بمحطات تعمل بالمياه الثقيلة، كما يطالبها مجلس الأمن، كما لم تنفذ البروتوكول الإضافي» الذي يسمح بعمليات تفتيش مفاجئة للمنشآت النووية. وأضاف ان «ايران لم تتعاون أيضاً مع الوكالة حول المسائل التي لا تزال عالقة، والتي تحتاج الى تحقق من أجل استبعاد الطابع العسكري المحتمل للبرنامج النووي الإيراني»، مشدداً على «ضرورة أن تعيد إيران في صورة موضوعية، التعامل مع الوكالة لتوضيح كل القضايا المهمة والانتهاء منها، بما في ذلك المسائل المهمة والأكثر صعوبة المتعلقة بدراسات التسليح المزعومة، من خلال تمكين الوكالة من الوصول إلى الأشخاص والمعلومات والمواقع». وحض ايران على «الرد في شكل إيجابي على المبادرة الأميركية الأخيرة» للحوار حول ملفها النووي. وقال البرادعي امام اعضاء مجلس حكام الوكالة: «اشعر بالاستياء من اتهامات بعض الدول الأعضاء التي نُقلت الى وسائل الإعلام، وتفيد بحجب معلومات عن المجلس. لهذه الاتهامات دوافع سياسية ولا اساس لها من الصحة. محاولات كهذه للتأثير في عمل الأمانة العامة وتقويض استقلاليتها وموضوعيتها، تشكل انتهاكاً لنظام الوكالة ويجب ان تتوقف على الفور». يذكر أن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير كان اتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الاسبوع الماضي بأنها لم تنشر ملاحق النتائج الخاصة بايران والتي وصفها بأنها مهمة لتقويم الابعاد العسكرية المحتملة لبرنامج تخصيب اليورانيوم الايراني. كما قالت وزارة الخارجية الاسرائيلية ان تقرير الوكالة لا يعكس كل ما تعلمه عن «جهود ايران لمواصلة مسعاها في البرنامج النووي العسكري». في المقابل، قال محمد سعيدي نائب رئيس الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية ان طهران زودت الوكالة كل المعلومات التي تحتاجها، مضيفاً: «نعتقد ان على الوكالة الانتهاء من المسائل العالقة». وشدد على ان ايران «تعاونت في شكل واسع» مع الوكالة، لتحسين اجراءات الأمان في مفاعل ناتانز، وسمحت «في شكل طوعي» لمفتشي الوكالة بزيارة مفاعل آراك. وفي باريس، أعلنت مساعدة الناطق باسم وزارة الخارجية ان فرنسا تلقت من الوكالة الذرية «ملخصاً تقنياً مفتوحاً موجهاً الى كل الدول الأعضاء»، مشيرة الى ان «هذه المعلومات لا تعكس التقرير المقدم الى مجلس الحكام». وشددت على ان «الدافع الوحيد لفرنسا هو احترام ايران التام لواجباتها الدولية». سورية على صعيد آخر، انتقد البرادعي سورية لعدم تعاونها في التحقيق حول مفاعلها النووي السري المفترض الذي اعلنت اسرائيل تدميره في ايلول (سبتمبر) 2007. وقال ان دمشق «لم تبدِ الى الآن التعاون اللازم لتتمكن الوكالة من تحديد مصدر جزيئات اليورانيوم الطبيعي البشري الصنع التي رُصدت في موقع دير الزور»، مضيفاً ان «سورية لم تتعاون مع الوكالة لتسمح لها بالتدقيق في ما تؤكده بأن المبنى المدمر ليس ذا طبيعة نووية، ولم تسمح للوكالة بالوصول الى المعلومات والمواقع والمعدات والمواد المطلوبة».