عاش لبنان الرسمي والسياسي أجواء التداعيات المحتملة لإمكان توجيه ضربة من دول غربية الى مواقع تابعة للنظام السوري لاتهامه باستخدام الأسلحة الكيماوية في الغوطتين الشرقية والغربية وريف دمشق، على أرضه، سياسياً وأمنياً، في ظل الغموض إزاء هذه الاحتمالات والتداعيات الممكنة. واتجهت الأنظار الى المعابر بين سورية ولبنان وإمكان تزايد تدفق النازحين في حال حصول الضربة، وتزايد عدد هؤلاء بانتقال عائلات سورية الى لبنان تحسباً لحصولها، خصوصاً من القاطنين في العاصمة دمشق ومحيطها، إذ أفادت مصادر رسمية أن الإحصاءات عن الحركة على معبر المصنع الشرعي والأساسي الذي يصل دمشق ومحيطها بلبنان، تدل الى تزايد طفيف في النزوح. ودخل أول من أمس الى الأراضي اللبنانية زهاء 9300 سوري فيما انتقل الى سورية 6700 سوري. أما بالأمس فكان قد دخل الى لبنان حتى الواحدة والنصف بعد الظهر 4900 سوري، وخرج من لبنان الى سورية 2400 شخص. ودفعت هذه الأرقام مصادر رسمية الى القول إن الحركة على الحدود ما زالت عادية وإن تزايد النازحين الطفيف جاء نتيجة خوف بعض العائلات من احتمالات الضربة. وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان ترأس اجتماعاً وزارياً أمنياً في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للبحث في إجراءات تدارك تدفق النازحين، فيما شهدت حركة الطيران من لبنان الى الخارج ازدياداً، إذ بكّر اللبنانيون المغتربون والعاملون في الخارج في إنهاء إجازاتهم التي كانوا يمضونها في البلد. واعتبرت المصادر الرسمية أن السبب هو المخاوف من التفجيرات بعد انفجار السيارات المفخخة في كل من ضاحية بيروت الجنوبية منتصف الشهر وفي طرابلس الجمعة الماضي، أكثر منها بسبب القلق من الضربة العسكرية المحتملة التي يجري الحديث عنها ضد مواقع النظام السوري. وفيما تواصل الأجهزة الأمنية تحقيقاتها مع مشتبه بهم بالانتماء الى شبكات تفجير حصلت وإجراءاتها حيال شبكات قد تعد لتفجيرات جديدة، لكشفها، قالت مصادر أمنية رسمية ل «الحياة»إن «لا تحركات بارزة على الأرض من قِبل جهات حليفة للنظام السوري، تتصل بالتداعيات المحتملة لأي ضربة يمكن أن توجهها دول غربية الى دمشق ومواقع تابعة للنظام». وأشارت الى أن «حلفاء النظام في حال انتظار وترقب وتهيّب للموقف من دون اتخاذ إجراءات محددة». أما على الصعيد السياسي، فقد حرص الرئيس سليمان، وفي أجواء الترقب لما سيؤول إليه الوضع في سورية، على تجديد الدعوة الى إعادة الاعتبار لسياسة النأي بالنفس عن الأزمات الإقليمية وتداعياتها، مذكراً بالثوابت اللبنانية إزاء الوضع السوري بالدعوة الى «حلول سياسية للأزمة بعيداً من أي تدخل عسكري خارجي في سورية». وفيما واصل مستشارو سليمان اتصالاتهم مع الفرقاء المعنيين في شأن دعوته الى حكومة جامعة تضمن معالجة ارتدادات تدهور الوضع الأمني بعد التفجيرات التي شهدتها مناطق لبنانية، أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري ضرورة تأليف حكومة كهذه «اليوم قبل الغد»، مبدياً مرارته من الموقف العربي تجاه التطورات في سورية. وبرز أمس موقف لرئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في كلمة وجهها الى اللبنانيين «في هذه الساعات الخطيرة حيث تتجمع نذر العواصف». واعتبر السنيورة أنها «ساعة للوحدة وليست ساعة للتباعد، وللتضامن وليس للتنافر، وللتواضع وليس للتكبّر». واضاف: «علاقاتنا بعضنا مع بعض تكمن في الأساس في وحدتنا الداخلية، فتواصلنا هو الأبقى والأنفع لنا وليس أي شيء آخر». وقالت مصادر في «المستقبل» إن السنيورة هدف من وراء هذه الكلمة الى تأكيد السعي لتغليب النقاط المشتركة بين الفرقاء اللبنانيين المختلفين بدل «المسائل التي تفرق».