التزم وزراء الحكومة الإسرائيلية تعليمات رئيسها بنيامين نتانياهو بأن تكون تصريحاتهم في شأن التطورات في سورية «على نار هادئة» مع التأكيد أن «إسرائيل ليست راغبة في التدخل»، لكن وسائل إعلام عبرية تحدثت عن «رغبة نتانياهو بدفع الولاياتالمتحدة لتنفيذ ضربة عسكرية للنظام في سورية». ودفعت عناوين الصحف أمس وتحليلات كبار المعلقين التي تمحورت في تهديدات وزير الخارجية الأميركي جون كيري لسورية، عشرات آلاف الإسرائيليين إلى محطات توزيع الأقنعة الواقية من الغازات السامة للتزود بها. وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية الرجل الثاني في حزب «ليكود بيتنا» الحاكم أفيغدور ليبرمان للإذاعة العسكرية أمس إن «لا رغبة لإسرائيل في التدخل في التطورات في سورية»، لكنه أضاف أن «المنطقة كلها، وربما أيضاً المجتمع الدولي برمته ينظرون إلى الحالة في سورية امتحاناً للسياسة الخارجية والعقيدة الأمنية للولايات المتحدة». وأضاف أن صدقية الرئيس الأميركي باراك اوباما والإدارة الأميركية كلها «مطروحة الآن على سَفود (مِسنّ) المجتمع الدولي كله وجميع حلفاء الولاياتالمتحدة، فضلاً عن أن القدرة العسكرية لأكبر دولة عظمى في الغرب موضوعة على الميزان». وأضاف أن مكانة الولاياتالمتحدة كدولة عظمى رائدة في العالم «على المحك اليوم... لذا يتابع الجميع سلوكها بترقب شديد». ورداً على سؤال حول احتمال أن يجر عمل عسكري أميركي إسرائيل إلى داخل الصراع، قال ليبرمان: «ما من شك أن من شأن عمل كهذا أن يجرنا، مع أننا نأمل ألا يحصل ذلك... ليس لنا شأن في دخول الصراع. حتى اليوم تصرفنا بمسؤولية وواجب علينا أن نواصل هذه السياسة في المستقبل أيضاً». وأضاف مستدركاً أن الوضع قد يتبدل ونكون أمام خيار التحرك عسكرياً... لكنني أرجو أن يقرأ الجميع الخريطة بالشكل الصحيح ليفهموا أن لا رغبة لإسرائيل في دخول الدوامة». وزاد محذراً: «في حال حاولت سورية نقل أسلحة كيماوية الى «حزب الله» أو في حال لحق بإسرائيل أذى، فإننا سنتحرك، وهناك سيناريوات عدة، ولا أستطيع توضيحها كلها لأن الواقع يفوق خيال أكبر خبير في العالم». ونصح ليبرمان الإسرائيليين بالتزود بالأقنعة الواقية من الغازات والتصرف بناء لتعليمات «الجبهة الداخلية» في الجيش (الدفاع المدني)، «لكن لا داع للهلع ولا يجب الانقضاض على محطات توزيع الأقنعة والانتظار الطويل في الطابور»، كما حصل في الأيام الثلاثة الأخيرة إذ اصطف آلاف الإسرائيليين في طوابير للتزود بالأقنعة تحسباً لتعرض الدولة العبرية لهجوم بأسلحة غير تقليدية من سورية «انتقاماً للهجوم الأميركي». وأكدت تقارير رسمية أن عدد طالبي الأقنعة تضاعف في الأيام الأخيرة أربع مرات قياساً بالأيام العادية. ونقلت صحيفة «معاريف» عن ديبلوماسيين أميركيين وأوروبيين التقوا أخيراً رئيس الحكومة الإسرائيلية قولهم إنهم خرجوا بانطباع أن نتانياهو معني بأن توجه الولاياتالمتحدة ضربة عسكرية إلى النظام السوري «من أجل تقوية مكانتها كعامل مهم في الشرق الأوسط ونقل رسالة شديدة اللهجة بشأن سياستها في الشرق الأوسط وتجاه ايران أيضاً في الملف النووي». وأضافت الصحيفة أن إسرائيل طلبت من الولاياتالمتحدة ابلاغها قبل توجيه الضربة، في حال قررت تنفيذها. وكتب المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» يوسي يهوشواع أنه في حال نفذت الولاياتالمتحدة هجوماً على سورية، فإن «إسرائيل تكون قد مهدت الطريق له». ونقل عن صحيفة «فوكوس» الألمانية الأسبوعية، ان الوحدة الاستخباراتية الخاصة في الجيش الإسرائيلي التي كانت تتنصت على مكالمات القيادة السورية «لدى شن الهجوم الكيميائي الفظيع الأسبوع الماضي»، نقلت هذه المعلومات إلى الدول الغربية. وأضاف أن إسرائيل تطالب الولاياتالمتحدة بأن تشن هجوماً «محدود النطاق» يكون الغرض منه ردع سورية عن استخدام السلاح الكيماوي الآن وفي المستقبل». وأفادت صحيفة «هآرتس» أن وفداً أمنياً رفيعاً برئاسة مستشار الأمن القومي يعقوف عميدرور يزور منذ يومين العاصمة الأميركية في إطار اللقاءات الدورية للتنسيق الأمني بين البلدين «لكن جولة المحادثات الحالية تتمحور في التطورات في سورية وأبعاد استخدام نظام الأسد السلاح الكيماوي». وتابعت أن المحادثات تتسم بأهمية مضاعفة في ظل احتمال توجيه الولاياتالمتحدة ضربة عسكرية لسورية، «ما يستدعي تنسيقاً بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل واستعداداً مشتركاً لاحتمال تصعيد عسكري في المنطقة في أعقاب هجوم أميركي». وكان المجلس الوزاري المصغر التأم الأحد الماضي لبحث التطورات في سورية «ودرس السيناريوات المختلفة المتوقعة في حال عمل عسكري أميركي». وقالت الصحيفة إن تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقود إلى أن رداً عسكرياً سورياً ضد إسرائيل هو «احتمال متدن»، لكن هذا لا يعفي التأهب، لأنه عندما يبدأ الهجوم الأميركي لا أحد يمكنه توقع ما سيتبعه، ما يستوجب تحديد سياسة رد واضحة سلفاً».