فيما دعت الحكومة العراقية كل القوى السياسية الى اتخاذ موقف موحد من «حق العراق في معرفة مثيري أعمال العنف» في البلاد ودعم مطلبها في تشكيل «محكمة جنائية دولية» تنظر في التفجيرات التي طاولت وزارتي الخارجية والمال قبل اسبوعين، وضع البرلمان الأزمة في مقدم جدول اعماله. وتتجه الأنظار الى اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة غداً، باعتباره محاولة اخيرة لنزع فتيل الازمة بين بغداد ودمشق، بعد ان ابلغ الامين العام المساعد للجامعة العربية «الحياة» ان ترتيبات أُجريت لعقد لقاء بين وزيري خارجية العراق وسورية. وقال المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي في تصريح الى «الحياة» ان «الحكومة بدأت جمع الادلة والملفات عن كل التدخلات الخارجية في الشأن العراقي»، مشيراً الى ان «المحكمة الدولية المراد تشكيلها لن تبحث في تفجيرات الأربعاء فحسب، وانما في كل التدخلات وعمليات الدعم المباشر وغير المباشر للمسلحين والتفجيرات الانتحارية التي ادّت الى قتل آلاف العراقيين». وأضاف ان «الحكومة أطلعت الجانب السوري، من خلال وزير الخارجية التركي، وفي فترات سابقة خلال الاعوام الخمسة الماضية، على الكثير من الأدلة تثبت تسلل المسلحين، وتورط الإستخبارات السورية بدعم البعثيين والجماعات المسلحة». ودعا الموسوي القوى السياسية العراقية الى «اتخاذ موقف موحد ازاء حق العراق في معرفة مثيري اعمال العنف في البلاد لكشف الجهات التي تقف وراء التفجيرات التي تطاول الابرياء من العراقيين وتستهدف القضاء على التحسن الامني الذي شهدته البلاد أخيراً»، مضيفاً ان «طلب تشكيل محكمة جنائية دولية للنظر في التفجيرات التي طاولت وزاراتي الخارجية والمال يحتاج الى دعم كل القوى السياسية العراقية». وتضاربت تصريحات المسؤولين العراقيين حول تعامل الحكومة مع الأزمة مع دمشق، ففيما اتهم رئيس الوزراء بعثيين مقيمين في سورية بالوقوف وراء التفجيرات الاخيرة وطالب الحكومة السورية بتسليم عدد من المتهمين، وقررت الحكومة سحب سفيرها، تحفظت أطراف عدة عن هذا التحرك وطالبت بحل الازمة بالحوار. إلى ذلك، قالت عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان النائب تانيا طلعت ان «الازمة الاخيرة بين الحكومة العراقية والحكومة السورية سيكون في مقدم جدول أعمال البرلمان» الذي يستانف فصله التشريعي الجديد اليوم. واضافت في تصريح الى «الحياة» ان «التطورات الاخيرة بين بغداد ودمشق شهدت تبايناً في المواقف العراقية»، مشيرة الى ان «كتلاً سياسية لها ملاحظات على طلب الحكومة تشكيل محكمة جنائية دولية، فيما يرى البعض ان هذا الطلب يجب ان يخضع لموافقة البرلمان». وتتجه الانظار الى الدورة 132 لاجتماعات وزراء الخارجية العرب غداً في القاهرة، للنظر في الازمة بين بغداد ودمشق، بعد تراجع الوساطات الاقليمية التي أطلقتها تركيا وايران. وقال نائب الامين العام للجامعة أحمد بن حلي في اتصال مع «الحياة» من القاهرة ان «الجامعة تجري اتصالات مكثفة مع وزارتي الخارجية العراقية والسورية للاطلاع على وجهة نظر الجانبين»، مشيراً الى ان «اجتماع وزاراء خارجية الدول العربية سيكون برئاسة وزير الخارجية السوري وليد المعلم وسيحضره نظيره العراقي هوشيار زيباري ونعمل على ان نستثمر هذا الاجتماع لحل الأزمة»، لافتاً الى ان «المناسبة ستشهد اجتماعاً ثلاثياً يضم زيباري والمعلم والأمين العام للجامعة عمرو موسى». وعن المحكمة الدولية التي دعت الحكومة العراقية الى تشكيها قال بن حلي: «لا نريد ان نستبق الأحداث (...) هذا شأن عراقي ولكننا نأمل في ان تحل المشكلة في اطار الجامعة وتجنب اللجوء الى مجلس الأمن»، ودعا بغداد ودمشق إلى «التهدئة وانتظار الاجتماع وعدم تصعيد الموقف». وفي القاهرة أيضاً («الحياة) أكد مندوب سورية لدى الجامعة يوسف أحمد، حرص بلاده على «وحدة العراق وسيادته واستقلاله وانتمائه العربي والإسلامي وعدم التدخل في شؤونه الداخلية». ونوّه بالاتفاق الذي أبرمته الحكومة العراقية مع الولاياتالمتحدة الذي ينص على الانسحاب من العراق. ورفض «ما يحدث على أرض العراق». وطالب ب «مقاضاة مرتكبي الجرائم ومحاسبتهم».