تستعد الحكومة السورية في إطار برنامجها الإصلاحي المستمر، إلى إطلاق مبادرات مهمة على صعيد الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بهدف تأمين التمويل اللازم لمشاريع البنية التحتية الأساسية في سورية، خلال تنظيمها مؤتمراً في الخريف المقبل في دمشق برعاية «الجمعية السورية - البريطانية». وتقدر الإحصاءات الرسمية حجم الاستثمارات المطلوبة في مجالات البنية التحتية حتى عام 2015 بنحو 50 بليون دولار (الدولار يعادل نحو 46 ليرة سورية)، اكثر من 11 بليوناً منها لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء حتى 2020، ما يشكل تحدياً للموازنة العامة في ظل تراجع إيرادات النفط وتزايد أعباء الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية الأساسية من تعليم وصحةٍ وسواها. ولمواجهة هذه التحديات، وبعيداً من «الخصخصة» التي يطالب بها اقتصاديون، تعتزم الحكومة زيادة مساهمة القطاع الخاص في عملية التنمية وفتح المجال أمام جذب مزيد من الاستثمار الخارجي المباشر، بإطلاق برنامج طموح للشراكة بين العام والخاص، يستهدف تنفيذ ما لا يقل عن 10 في المئة من الاستثمارات المطلوبة لتطوير البنية التحتية بين 2011 - 2015. وستكون قطاعات الطاقة والنقل وبرامج تأمين السكن الاجتماعي والمياه والصرف الصحي أولى القطاعات التي يستهدفها برنامج الشراكة المقترح، على أن يمتد البرنامج لاحقاً ليشمل قطاعات الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وغيرها. وتتمثل الصيغة المقترحة للشراكة بين القطاعين بإطار تشريعي وقانوني جديد، يحضر له من خلال لجنة تضم نخبة من المحللين، ويعتمد عقوداً طويلة الأجل بين القطاعين المشاركين، الهدف الرئيس منها ضمان تقديم الخدمات العامة (كلياً أو جزئياً) وإنشاء البنية التحتية الجيدة في الوقت المناسب وبأقل تكلفة، من طريق الاستفادة من كفاءة القطاع الخاص وإمكاناته المالية وخبراته مع نقل جزء من الأخطار إليه. وستعمد الحكومة إلى وضع أسس ومعايير ومقاييس لتحديد المشاريع التي سيتم اختيارها في البرنامج الوطني للشراكة بين العام والخاص في مرحلة مقبلة. وتأتي الشراكة المرتقبة بين القطاعين، استجابة للغايات الاستراتيجية التي وضعتها الخطة الخمسية العاشرة، لجهة تسريع مشاركة القطاع الخاص وزيادته في الاقتصاد بتشجيع الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي في كل المجالات بما فيها البنية التحتية، وتأمين البنية التحتية المادية اللازمة لتحقيق النمو الذي تقدره الخطط الحكومية لغاية 2015 ما بين 5 و 7 في المئة سنوياً. وتوقعت دراسات انه يمكن لمشاريع الشراكة سد الفجوة في المالية العامة السورية التي تواجه تحدياً كبيراً في تأمين الاستثمارات اللازمة لإنشاء البنية التحتية وتطويرها وصيانتها. وسيؤدي إطلاق مشاريع الشراكة في مجال البنية التحتية بنجاح أيضاً، إلى حفز معدلات النمو الاقتصادي وزيادتها والمساهمة في خلق مزيد من فرص العمل وخفض معدلات البطالة ومكافحة الفقر. وتهدف الحكومة من خلال هذه الشراكة إلى الاستفادة من الطاقات والخبرات (المالية، الإدارية، والتنظيمية) المتوافرة لدى القطاع الخاص ونقلها إلى الكوادر الحكومية، لتحسين كفاءة إدارة المرافق العامة وصيانتها وخفض تكاليفها.