تصعد أربع تلميذات صينيات مجتهدات في الثامنة من العمر على خشبة المسرح لتقديم عرض «روك آند رول» صاخب وهن يحملن آلات غيتار كهربائية. ويفتتحن العرض بتأدية أغنية لفرقة البوب روك البريطانية «ماكفلاي» وهن يرتدين سترات زرقاء براقة تذكر بأسلوب السبعينات وبفرقة ليد زيبلين. وتدعى فرقتهن «كول». وتقول المغنية الرئيسة تشو زي التي تشير الى ان لعبتها المفضلة هي دب أبيض كبير «أحب الموسيقى القوية جداً التي تثير حماسة البالغين. ونحن نحب أغاني الروك لأنها جنونية». وإلى جانب الدراسة، تتعلم الفتيات في معهد «ناين بيتس» الموسيقي في تيانجين (شمال) التي تسعى إلى تخريج جيل جديد من نجوم الروك الصينيين. وفي مطلع الشهر الجاري في تيانجين، تنافسن على المسرح مع أكثر من 24 فرقة روك شبابية آتية من معاهد موسيقية مشابهة من كل أنحاء البلاد. ويقول لي هونغيو مؤسس معهد «ناين بيتس»: «في الماضي، عندما كان الأهل يريدون أن يعلموا أولادهم الموسيقى، كانوا يفكرون مباشرة في الآلات الكلاسيكية. لكن غالبية الأطفال لا تحب هذا النوع من الموسيقى». ويضيف: «نحن نعدل مسار الموسيقى الصينية المعاصرة. وأنا واثق من أن نجوم الروك الصينيين المستقبليين يمكنهم التطور في معهدنا». ويضم معهد «ناين بيتس» اليوم أكثر من 150 فرعاً في كل أنحاء الصين وآلاف هواة الروك الواعدين. وعلى مسرح تيانجين، فازت فرقة تدعى «روك فيريتيلز» أدت أغنية «سويت تشايلد او ماين» الشهيرة لفرقة الهارد روك الأميركية «غانز ان روزز». وفي الكواليس، يتصرف هواة الروك الصغار على سجيتهم فيلعبون الغميضة ويتناولون الدراق بعد الحفلة. وتعكس مسابقة تيانجين دخول الروك عالم الموسيقى في الصين حيث ظل ممنوعاً لفترة طويلة. دخلت موسيقى الروك الصين في ثمانينات القرن العشرين، مع تراجع سيطرة الحزب الشيوعي على العالم الثقافي، لكنه سرعان ما أثار حفيظة السلطات التي عمدت الى منع بعض الحفلات والأغاني. عام 1989، ردد الطلاب المتظاهرون في ساحة تيانانمين اغنية باتت رمزاً لحركتهم وهي «لا شيء باسمي» ل «أب» الروك الصيني تشوي جيان. وبعد اطاحة الجيش حركة الطلاب، منع تشوي من اقامة حفلات ضخمة. لكن الكاتب جوناثان كامبل يقول ان «الروك لم يعد خطراً كما في الماضي. فالأولاد الذين عاصروا تشوي جاين باتوا بالغين اليوم. وقد تغيرت أولويات (المجتمع) ووجهات نظره». وصارت الصين تستضيف كبار نجوم الروك العالميين، مثل جون لايدون من فرقة «سكس بيستولز» العام الماضي وفرقة «ميتاليكا» التي احيت حفلة في شنغهاي الأسبوع الماضي. لكن بعض الفرق المحلية محرومة من هذه الفرصة، مثل فرقة «توب فلور سيركس» من شنغهاي التي ألفت أغاني ساخرة دانت فيها بعض المشاريع البلدية والتي منعتها الشرطة من احياء حفلات عام 2009. ويقول جوناثان كامبل إن «الروك من أجل الترفيه ليس خطراً على الإطلاق، لكنّ هناك حدوداً لكل شيء». لكن هواة الروك الصغار يحظون بالدعم والتشجيع من عائلاتهم، فهم لا يسعون الى معارضة أهاليهم أو قلب النظام الاجتماعي. وتقول كي يو، والدة المغنية في فرقة «كول»، ان «الأطفال يتعرضون لضغط كبير والروك يسمح لهم بالتخفيف من الضغط». لكن هذه الهواية ليست متاحة للجميع. فالروك امتياز يقتصر على الأطفال الميسورين في الصين، نظراً الى سعر الحصص التعليمية (24 يورو في الساعة) وثمن الآلات الموسيقية.