قبل أن يبدأ شهر رمضان، تبدأ الأسر السعودية رحلة البحث عن عاملات منزليات، سواء كانت الأسرة لديها عاملة منزلية أو لم يكن لديها، فإن كان منزل الأسرة يحوي عاملة، استخدموا أخرى إضافية، لمواكبة الحدث الرمضاني، وإن كانت الاسرة ممن لا يتعاملون مع العاملات المنزليات، فلا بد من واحدة في الشهر الكريم، تعاون ربة المنزل في واجبات رمضان الإضافية. في الأعوام الأخيرة تطور الأمر، فالعاملة لم تعد كافية، إذ لا بد من طاهية تشرف على إعداد الأطعمة المتنوعة للصائمين، الذين أضناهم الجوع والعطش طوال النهار. ومهما ارتفع سعر الطاهية فلا بد من الإتيان بواحدة، خصوصاً في أوساط العائلات الميسورة، والطريف أن طرق التعامل مع العاملات والطاهيات في الشهر الكريم تكون مختلفة، ليس بسبب قيمة الشهر الفضيل، وإنما خوفاً من أن تتخذ العاملة قراراً بالتخلي عن العائلة والبحث عن مكان آخر، خصوصاً مع اشتداد الطلب عليهن. لكن على الطاهيات أيضاً أن يكن متقنات لفنون الطبخ، لأن الأصناف التي تعد على مائدة رمضان تكون مختلفة عن بقية أيام السنة وكثيرة، والأمور المادية في حال توافر هذا الشرط لا قيمة لها. تقول أم سعد: «قبل حلول رمضان بشهر أو شهرين، أبد في البحث عن طاهية تتقن عمل أصناف الطعام المختلفة، ولا أهتم بالمبلغ الذي تطلبه حتى لو زاد على 1800 ريال، واحضرها كطاهية فقط ولا تقوم بأي عمل آخر». وتضيف: «إلى جانب الطاهية، أجلب عاملة منزلية لأعمال التنظيف، ومع انتهاء شهر رمضان استغني عن الطاهية، لأن بقية أيام السنة تكون أصناف الطعام فيها متشابهة فلا أكون بحاجتها، وأبقى طوال مدة بقائها أدلل فيها وامدح ما تقوم بطهيه، الذي تعلمته من المنازل التي عملت فيها سابقاً». في حين توضح الطاهية الإندونيسية سوماتي، أنها عملت عند قدومها إلى المملكة عاملة منزلية في منازل عدة لعدد من الجنسيات المختلفة، وحاولت تعلم طرق طبخ المأكولات من ربات المنازل التي عملت لديهن، وأصبحت تتقن جميع أصناف المأكولات العربية والغربية. وتضيف: «بدأت رفض عملي كعاملة منزلية، وأصبح الطلب يزداد علي، لأعمل في المنازل طاهية، وارتفعت المبالغ التي تدفع لي، خصوصاً في شهر رمضان، الذي اعتبره موسم عملي، لكثرة بحث الأسر السعودية عن طاهية مهما بلغ سعرها». من جهتها، تشير بسمة (ربة منزل) إلى أنها لم تعتد على وجود الطاهية في منزل أسرتها، «كنا نتعاون أنا واخواتي مع والدتي في إعداد أصناف الأكل، وبعد زواجي اكتشفت أن بعض العائلات لا تستغني عن وجود الطاهية، إضافة الى الخادمات في المنزل، فالأسر السعودية الغنية لها شكل لا يمكن تغييره، ويوجد عدد كبير من العاملات في المنزل، وأهم الموجودات الطاهية التي تتميز بصنع أصناف الطعام المختلفة المنشأ، ولا يمكنهم الاستغناء عن وجودها، حتى تتفرغ الزوجة للاهتمام بنفسها وزوجها وأولادها». وتتابع: «وجدت نفسي أشرف فقط على ما تقوم بعمله، وأضفت إليها مجموعة من المأكولات التي أعرفها، وتتميز الطاهيات بمعرفتها لجميع الأصناف، التي يحبها كل فرد في العائلة». وتوضح أنها أحضرت الطاهية التي تعمل لديها من مكتب متخصص في الفيليبين، إذ يصل راتبها إلى 1500 ريال، وأقوم بالتنسيق معها بوضع جدول لجميع أيام الأسبوع بما هو مطلوب منها، خصوصاً الأطباق التي تعدها عند حضور ضيوف من الأسرة أو الأصدقاء. أما سلوى محمد فتقول: «تبدأ معاناتي بالبحث عن طاهية محترفة قبل حلول شهر رمضان، إذ يبدأ التنافس على العاملات اللاتي يتقن الطهو، وقبل ثلاثة شهور من رمضان أحضر طاهيات عدة للمنزل براتب لا يقل عن ألفي ريال، وأجرب كل واحدة لمدة بسيطة حتى أجد الأفضل منهن، وتصل محاولاتي لتجربة خمس أو ست طاهيات، للتأكد من أنها تتقن جميع الأصناف، خصوصاً أن مائدة رمضان تختلف عن بقية أيام السنة وتحتاج لمجهود كبير». في المقابل، ترفض جواهر رفضاً باتاً هي وأسرتها، تناول أية وجبة من أيدي العاملات، حتى أولئك اللائي يطلقن على أنفسهن طاهيات، فغالبية الطاهيات الموجودات في السعودية لسن متخصصات، بل تعلمن في منازل أخرى. وترى أن غالبية الطبقة المخملية تستخدم الطاهيات المتخصصات، اللاتي يحضرن من مكاتب خاصة، ويتأكدون من إتقانها لعملها وتحضير جميع الأصناف التي تطلب منها. وتضيف: «مبدأ الرفض ليس مني فقط، فجميع أفراد أسرتي لا يقبلون تقديم العاملة المنزلية للأكل، فكيف بالنسبة لطبخها، ولكن في فترة رمضان يمكن أن أجعل العاملة المنزلية تساعدني في تقطيع الخضراوات فقط، وأقوم انا بطهو الأكل، وهذا الأمر يكون فقط في رمضان، لأن سفرة رمضان تحتاج لمجهود أكبر».