بدأ أمس مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان لقاءاته بطرفي الأزمة في مصر في زيارة تنتهي اليوم عزا الغرض منها إلى «الاستماع إلى الفرقاء»، فيما تواصلت أمس عمليات توقيف قياديين في جماعة «الإخوان المسلمين». وألقت قوات الأمن القبض على الداعية المحسوب على الجماعة صفوت حجازي الذي كان يقود منصة اعتصام مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي في مدينة سيوة (غرب البلاد) لدى محاولته الفرار إلى ليبيا، كما أوقفت قوات تأمين مطار القاهرة الناطق باسم حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، مراد علي لدى محاولته مغادرة البلاد إلى إيطاليا. ودعا رئيس الحكومة حازم الببلاوي في مؤتمر صحافي أمس القوى السياسية إلى «المشاركة في برامج الحكومة». وقال إن حكومته «ملتزمة استكمال خريطة الطريق عبر قوانين جديدة»، وتعهد «حماية الحريات وفق المعايير القانونية». ووعد ب «إتاحة الفرصة للجميع في العمل السياسي والتنافس الديموقراطي، ما لم تلوث أيديهم الدماء أو يحملوا السلاح وطالما كانوا ملتزمين بالقانون وبخريطة الطريق وبنبذ العنف أو التحريض عليه وبالسلمية وبالمساواة بين المواطنين من دون تمييز»، مشدداً على أن حكومته «لن تتوانى عن التصدي وبكل حزم لكل من يستهدف الأمن القومي أو سلامة المواطنين». واجتمع فيلتمان صباح أمس بالأمين العام للجماعة العربية نبيل العربي، قبل أن يجتمع بوزير الخارجية نبيل فهمي، فيما قالت ناطقة باسم الأممالمتحدة في القاهرة ل «الحياة» إن المسؤول الأممي سيلتقي أيضاً مستشار الرئيس للشؤون السياسية مصطفى حجازى ورئيس الحكومة، وأنه لم يحسم بعد ما إذا كان سيتمكن من الاجتماع بالرئيس الموقت عدلي منصور ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. لكنها أكدت ترتيب لقاء يجمع فيلتمان بقيادات في جماعة «الإخوان». وأوضحت أن الغرض من تلك اللقاءات «الاستماع لبناء موقف»، ونفت أن يكون جاء بغرض استئناف وساطة دولية كانت جرت قبل فض اعتصامي أنصار مرسي. ونفى فيلتمان عقب اجتماعه مع العربي أن يكون الغرض من زيارته استئناف الوساطة الأوروبية-الأميركية بين الفرقاء المصريين، مكتفياً بالقول في تصريحات مقتضبة: «أنا هنا من أجل الاستماع إلى وجهات النظر والتطرق إلى التطورات الأخيرة التي حصلت في مصر. من الواضح أن المصريين لديهم وجهات نظر مختلفة، والأمين العام للأمم المتحدة أراد مجيئي إلى هنا من أجل الاستماع إلى المصريين لنفهم الوضع الحالي في مصر ونتمكن من معرفة كيف يرى المصريون طريق المضي قدماً». بعدها توجه فيلتمان إلى وزارة الخارجية، حيث التقى فهمي، الذي نقل إليه «رفض مصر الكامل لتدويل الأوضاع الداخلية»، وفق الناطق الرسمي للوزارة بدر عبدالعاطي، الذي أوضح أن الوزير شدد خلال اللقاء على أن تلك الأوضاع «شأن داخلي لا نسمح بالتدخل فيه، ولا علاقة لها على الإطلاق بالسلم والأمن الدوليين». ونقل عن الوزير تأكيده أن «مسؤولية أي حكومة ديموقراطية تحتم عليها توفير الأمن والأمان لمواطنيها ومواجهة أعمال الإجرام والإرهاب في إطار القانون». وأضاف أن الوزير أكد لفيلتمان أن «أي مواقف خارجية محتملة تجاه مصر لن تؤثر على قرارات الحكومة التي تنبع من الإرادة الشعبية وتستهدف المصلحة العليا للوطن، وكل دول العالم تلجأ إلى الإجراءات الاستثنائية حين تواجه ظروفًا استثنائية». وأشار إلى «استمرار معتقلين في معسكر غوانتانامو بعد مرور أكثر من 12 عاماً على الحادث الإرهابي بتفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك». وأعرب فهمي عن «التزام الحكومة بالإسراع في تنفيذ خريطة المستقبل بمشاركة من ينبذ العنف ولا يحرض عليه ويلتزم ببنود الخريطة»، كما عبر عن «غضب مصر من تجاهل العالم الخارجي لحقيقة الأوضاع وعدم توجيه النقد والإدانة إلى الطرف الذي يقوم بالتخطيط لأعمال إجرامية وإرهابية تطاول المواطنين ومنشآت الدولة ومستشفياتها ودور عبادتها، وتستهدف النظام العام والاستقرار والتحريض عليها وتنفيذها». وكانت الحكومة حذرت أمس رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من أن صبرها أوشك على النفاد. وقالت في بيان إنها تابعت «باستغراب شديد ما نسب من تصريحات إلى رئيس الوزراء التركي ذكر فيها أن لديه أدلة تؤكد تورط إسرائيل في الأحداث التي تشهدها مصر حالياً والوقوف وراء عزل الرئيس السابق». وأضافت أن «هذه التصريحات لا أساس لها من الصحة ولا يقبلها أي عاقل أو منصف، والهدف منها ضرب وحدة المصريين والنيل من مؤسساتهم الوطنية». وحذرت من أن «رصيد مصر من الصبر قد قارب على النفاد، وإن مصر لا تبادل أحداً العداوة، وليست بصدد البحث عن هوية جديدة لها، فعروبتها وإسلاميتها واضحة جلية، وعلى الحكومة التركية أن تُدرك أن الأولوية الوحيدة في مصر الآن هي تنفيذ إرادة الشعب وخريطة المستقبل لتستأنف البلاد طريقها نحو الديموقراطية». إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية أمس توقيف الداعية المطلوب صفوت حجازي «تنفيذاً لقرار النيابة ضبطه وإحضاره على خلفية اتهامه في قضايا عدة بقتل المتظاهرين والتحريض على قتل آخرين والتحريض على أعمال شغب وعنف». وأوضح مصدر أمني أن «توقيف حجازي تم لدى مروره عند أحد المكامن في منطقة سيوة في محافظة مطروح» شمال غرب البلاد. وأشار إلى أن «حجازي كان يستقل سيارة أجرة ومعه محام، وكانا في طريقهما للفرار إلى ليبيا، وتم توقيفهما مع سائق التاكسي». ولفت إلى أن «معلومات وصلت إلى أجهزة الأمن أفادت بأنه بعد تضييق الخناق على قادة الإخوان داخل القاهرة سعوا إلى الفرار خارج البلاد أو إلى المحافظات الإقليمية للاختباء». وأعلنت أجهزة الأمن أيضاً القبض على المستشار الإعلامي لحزب «الحرية والعدالة» مراد علي. وأفاد بيان رسمي بأنه «تم توقيف علي قبل سفره إلى إيطاليا بعد تغيير ملامحه وحلق لحيته وارتدائه سلسلة وتم تسليمه لإحدى الجهات الأمنية». وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن «الأجهزة الأمنية تمكنت من ضبط 54 من العناصر الإرهابية من المتورطين في استهداف المنشآت العامة والشرطية وترويع المواطنين، والمطلوبين لجهات التحقيق، وهم 34 مصرياً و15 سورياً و5 سودانيين في مدخل قرية بهي الدين التابعة لمحافظة مطروح قبل فرارهم عبر الحدود إلى ليبيا». وأشارت أيضاً إلى «ضبط 36 من عناصر المكاتب الإدارية لتنظيم الإخوان وكوادرها وأعضائها، من المتورطين في الأحداث الأخيرة».