أعلن «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم في السودان مقاطعته «ملتقى جوبا للقوى السياسية» الذي تستضيفه عاصمة إقليم الجنوب الجمعة المقبل، واعتبره «ملتقى لأحزاب معارضة تسعى إلى محاكمة تجربة الرئيس» عمر البشير في السلطة، واتهمها بصوغ توصياته قبل أن يبدأ، لكنه وعد بإجراء اتصالات مع شركائه في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي دعت إلى الاجتماع. وقال المسؤول السياسي في «المؤتمر الوطني» الدكتور محمد مندور المهدي للصحافيين أمس إن «ملتقى جوبا خاص بالمعارضة، واستثنيت منه كل أحزاب الحكومة ما عدا الشريك الثاني في السلطة»، موضحاً أن وثائق الملتقى «أعدتها قوى معارضة ولم تكتب بحياد وتحاكم عشرين عاماً من تاريخ السودان حكم خلالها البشير». وشدد على أن حزبه «لن يكون طرفاً في ملتقى ليس لنا فيه إلا الحضور». وقال إن الحزب رد على الدعوة التي تلقاها للمشاركة في الملتقى برسالة تضمنت ثلاثة شروط، هي المشاركة في صوغ أوراق الملتقى وإشراك كل القوى السياسية وليس فقط المعارضة، والاشتراك في كل الخطوات الإجرائية المتصلة بإعداد جلسات المتقى. ولم يتلق «المؤتمر الوطني» رداً على طلباته. لكن رئيس «حزب الأمة - الاصلاح والتجديد» رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى مبارك الفاضل المهدي اعتبر أن الملتقى «أول محاولة لحل أزمات البلاد من الداخل، وسيكون لقاءً تاريخياً يكرر لقاء القوى السياسية السودانية عام 1947 في جوبا» الذي وحد السودانيين نحو استقلال بلادهم، ووافق فيه القادة الجنوبيون على الدخول في إطار الدولة الموحدة وإعلان الاستقلال من البرلمان عام 1955. وأكد أن ملتقى جوبا «سيناقش مرة أخرى مستقبل السودان، وسيكون بمثابة فرصة أخيرة كي يتفق السودانيون على حل مشاكلهم، والاتفاق على وحدة البلد»، مشيراً إلى أن الملتقى «سيناقش أيضاً قضايا السلام في دارفور، والمصالحة الوطنية والعدالة، والتحول الديموقراطي ومستقبل الحكم، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية، وتوجيه موارد البلاد نحو إزالة الغبن وإزالة آثار الحرب، إضافة إلى مناقشة قضية المحكمة الجنائية الدولية» التي أصدرت قراراً بتوقيف البشير «في إطار مصالحة وطنية وعدالة». إلى ذلك، وقع «حزب الأمة» برئاسة الصادق المهدي و «الحركة الشعبية» بزعامة سلفاكير ميارديت أمس إعلان مبادئ في جوبا، شدد على العمل على التحول الديموقراطي الكامل عبر انتخابات حرة ونزيهة، واعتبرا فيه أن تقرير المصير حق اكتسبه أهل الجنوب وينبغي الوفاء به في موعده في العام 2011، وطالبا باعتماد نسب اتفاق السلام في اقتسام السلطة والثروة إلى حين تجاوز الخلافات حول نتائج الإحصاء السكاني. وتمسك الطرفان في بيان صدر في اختتام محادثات استمرت أربعة أيام بأهمية تسهيل وتبسيط إجراء الاستفتاء والالتزام بنتيجته، «وهو إما أن يؤدي إلى وحدة طوعية يسعى ويعمل لها الطرفان، أو انفصال الجنوب وتشكيل دولتين جارتين تعتمدان الإخاء وحسن الجوار». واتفقا على «العمل سوياً لتحقيق المصالحة الوطنية لتجاوز المظالم التاريخية»، و «العمل على إلغاء وتعديل القوانين المقيدة للحريات والمنتهكة لحقوق الإنسان، أو تجميد نصوصها المتعارضة مع الدستور». واعتبرا أن قضية دارفور «أزمة سياسية تتطلب علاجاً سياسياً عاجلاً قبل إجراء الانتخابات، يستند إلى الاستجابة للتطلعات المشروعة لأهل الإقليم، إلى جانب معالجة أزمة النازحين واللاجئين والمتضررين بمنحهم تعويضات فردية وجماعية وتمكينهم من العودة الاختيارية إلى مناطقهم الأصلية»، كما أبدى الطرفان قلقهما إزاء «ظاهرة الانتشار الممنهج للسلاح وتسليح القبائل في البلاد». وأبدى الجانبان قلقهما «للتطور السلبي لعلاقات السودان مع المجتمع الدولي عموماً، وجيرانه في المحيط الإقليمي خصوصاً، ما أثر على الأمن القومي السوداني». وطالبا بعقد مؤتمر للأمن الإقليمي «تشارك فيه كل دول الجوار بهدف التوافق على أسس حسن الجوار وعدم التدخل والتعاون على إرساء دعائم الأمن والاستقرار الاقليمي». وقال الصادق المهدي للصحافيين إن «مذكرة التفاهم لم تتضمن صيغة تحالف انتخابي» بين حزبه و «الحركة الشعبية». واعتبر أن «الوقت مبكر لعقد أي تحالفات، لكن التحالف مع الحركة الشعبية ممكن في حال اتضاح الرؤية في ما يتعلق بإجراء الانتخابات من عدمه». على صعيد آخر، أعربت الحكومة الارلندية عن قلقها لاستمرار احتجاز موظفتين ارلندية وأوغندية تعملان في منظمة «غول» الارلندية خطفتا من شمال دارفور في تموز (يوليو) الماضي. وشدد وزير الخارجية الارلندي مايكل مارتن عقب محادثات في الخرطوم أمس مع نظيره السوداني دينق ألور على ضرورة اطلاق سراح الرهينتين فوراً. ودعا السلطات إلى المساعدة في إطلاقهما. أما ألور، فقال إن حكومته تجري اتصالات لإطلاق الرهينتين «ولديها طرق عدة للتعامل مع الخاطفين». وكانت منظمة «غول» قالت إن عاملتي الاغاثة المخطوفتين هما الاوغندية هيلدا كاووكي (42 سنة) والارلندية شارون كومينز (32 عاماً). والعملية هي الثالثة التي يتعرض لها موظفون إنسانيون أجانب في دارفور منذ أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف البشير في آذار (مارس) الماضي بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في الإقليم.