عاد الرئيس الأميركي باراك أوباما من عطلة صيفية إلى واشنطن أمس، لتستقبله هموم أزمات الشرق الأوسط وأهمها مصر، واتهام خصومه إياه بالمساهمة في انحسار تأثير الولاياتالمتحدة في الخارج، وانهيار صدقيتها في المنطقة. وبعدما أمضى أسبوعاً في ولاية ماساشوستيش، استأنف الرئيس الأميركي عمله في واشنطن بلقاء كبار مستشاريه للبحث في الملف المصري وشؤون اقتصادية. وهو يحاول استعادة زمام المبادرة بعد انتقاد خصومه، في افتتاحيات لاذعة نُشرت في الصحف وبينها لمحرر صحيفة «واشنطن بوست» جاكسون ديل «ترنح سياسته الخارجية، وغياب حضوره القيادي في خضم الأزمة المصرية، في وقت انشغل بممارسة رياضة الغولف طيلة الأسبوع الماضي». كما اتهم السناتور الجمهوري جون ماكين إدارة أوباما ب «ضرب صدقية الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط»، وقال لشبكة «سي أن أن»: «يهدد أوباما الرئيس السوري بشار الأسد إذا استخدم السلاح الكيماوي، لكنه لا يفعل شيئاً لدى استخدامه، كما يهدد الجيش المصري بقطع المساعدات ولا يفعل شيئاً إزاء تحركاته، ويتوعد إيران بإجراءات إذا زادت تخصيب اليورانيوم، ولا يفعل شيئاً حين يحصل ذلك». وأضاف: «ارتفعت نسبة الكراهية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفقدنا احترامنا وصدقيتنا». وتحرج الأزمة المصرية إدارة أوباما، بعد فشل مبادرتها الديبلوماسية التي قادها نائب وزير الخارجية وليام بيرنز، وتجاهل القيادة العسكرية في القاهرة مضمون 17 اتصالاً أجراها وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل مع قائد الجيش المصري عبد الفتاح السيسي في الأسبوعين الماضيين، سعياً إلى حل سياسي، وتجنب استخدام القوة في فض الاعتصامات. وأبلغت مصادر ديبلوماسية موثوقة «الحياة» أن «السيسي قطع اجتماعه مع ماكين والسناتور ليندسي غراهام خلال زيارتهما الأخيرة للقاهرة، بسبب تخطي غراهام الحدود الديبلوماسية». وتحاول واشنطن أن توازن بين مصالحها الأمنية والجيوسياسية في الحفاظ على علاقة حيوية مع الجيش المصري، واحتواء الانتقادات الداخلية التي تطالب بقطع مساعدات سنوية لمصر تقدر ببليون ونصف بليون دولار. لذا علّق أوباما المناورات العسكرية المشتركة بين البلدين. وفي الأزمة السورية، تواجه الإدارة مأزقاً مماثلاً مع بقاء الأسد في الحكم، على رغم دعوة أوباما إياه للتنحي منذ سنتين، وجمود المساعي الديبلوماسية وتوتر العلاقة مع روسيا، في وقت تنامى نفوذ تنظيم «القاعدة» في البلاد، خصوصاً في الشمال. وقالت مصادر أميركية ل «الحياة» إن الإدارة لم تعيَن بديلاً للسفير الأميركي السابق لدى سورية روبرت فورد الذي سينتقل إلى القاهرة قريباً. وأشارت إلى أن المسؤول السابق ديفيد ساترفيلد رفض المنصب، لافتة إلى أن واشنطن تدرس تعيين مسؤوليَن أحدهما يشغل منصب سفير لدى المعارضة والثاني منصب مستشار لوزير الخارجية جون كيري في الملف السوري. لكن سياسة الاحتواء تهيمن على استراتيجية واشنطن في التعاطي مع النزاع السوري، عبر الحد من تداعياته الإقليمية والعمل لتقوية المعارضة، من دون الاستعداد لخطوات عسكرية أو توقع اختراقات ديبلوماسية قريبة. ويعقد أوباما هذا الأسبوع اجتماعات مع مستشاريه لمتابعة الملف المصري. ويبحث في ملفي الاقتصاد والموازنة مع خبراء ونواب في الكونغرس، من أجل تفادي تعطيل عمل الإدارة في حال عدم إقرار الموازنة نهاية الشهر المقبل. كما سيزور أوباما ولايات أميركية لتسويق خطته الاقتصادية.