تداولت مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، عن صحيفة «أخبار السعودية» الإلكترونية، خبراً عن قيام ثلاثة أشقاء في مكةالمكرمة بالحجر على شقيقتهن، وحرمانها من كل حقوقها في الحياة بعد أن أقنع شقيقها الأكبر والده بإرغامها على ترك التعليم منذ الصف الثالث الابتدائي لتقوم بخدمتهم، ثم أجبرت على الزواج من رجل مطلق، ومدمن على المخدرات. وعلى رغم أنها وجدت بيته خالياً من كل أثاث باعت حليها، وحاولت جاهدة أن تصبر بعيداً عن أشقائها الجبارين، إلا أن الرجل أمعن في ضربها وإهانتها وسوء معاملتها، مما جعلها تعود لأهلها، وبعد الخلع أجبروا على دفع نصف صداقها للزوج، مما جعلهم يمعنون في معاقبتها خصوصاً بعد وفاة والديها، فأجبروها على الإقامة الجبرية في المنزل، والتناوب على حراستها حتى لا تلجأ إلى الشرطة أو دار الحماية الاجتماعية بعد تصفيد الأبواب عليها، وأخذ جميع أوراقها الثبوتية، والبطاقة المصرفية لحرمانها من مخصص الضمان الاجتماعي، وحرمانها من الزواج نهائياً. وقالت المحامية التي تواصلت معها هذه السيدة، إنها رفعت قضيتها إلى دار الحماية الاجتماعية في مكةالمكرمة، وطلبت منها التدخل لكنها رفضت، معللة ذلك بأنه ليس من صلاحيتها إخراج السيدة من بيت أهلها. هذه ليست الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل مجتمع يتشدق بالدين الإسلامي قولاً لا فعلاً، والمرأة تمتهن فيه كل يوم سواء أكانت متزوجة، أم مطلقة، أم أرملة، أم شابة بلا زواج، أو حتى بلغت سن الستين، فالوصاية عليها هي قيدها الذي لا ينطوي، يُعتدى عليها في حقوقها، وفي كرامتها، وفي إنسانيتها، وكأننا نعيش عصر الجواري، وحتى الجواري لهن من الحقوق ما يحفظ عليهن آدميتهن، دوّخونا بالصياح ليلاً ونهاراً بأنها درّة مكنونة، ولؤلؤة مصونة، فأين هم المتصايحون من هذه الحالة وأمثالها؟ حتى العهد الجاهلي الذي كانت فيه البنات يدفنَّ وهن أحياء لم تكن النساء اللاتي تخطين هذه المأساة يعاملن بهذه الطريقة المهينة والمتناهية في الجريمة الكاملة. لقد بحت الأصوات وهي تطالب بسن القوانين الرادعة لحماية المرأة من رجالها الأوصياء، بل وبكل تجرد هؤلاء ليسوا رجالها بل هم جلادوها، ومجرموها، انتفت المروءة من أخلاقهم، واستبدّ بهم الجبروت طالما المسألة مفلوتة فلا ردع ولا قانون قطعياً ملزماً يطبق فيلتزم الأوصياء به، ولكن أين هو هذا القانون؟ نحن نعرف قانوناً واحداً وهو أن المرأة ملك الرجل، وهو الخصم والحكم، وهو بديّة كاملة وهي بنصف ديّة، وهو الآمر المتحكم، وهي الجارية المطيعة. أين هي جمعية حقوق الإنسان؟ أين هي الشرطة؟ ما هو موقف دار الحماية في مكة بعد أن جاءهم خبر هذه الإنسانة، وتقاعسوا عن حمايتها؟ حتى الغابة التي يأكل فيها القوي الضعيف فيها كل وسائل الحماية لينجو الضعيف بنفسه حتى لو عن طريق الهرب. أي إسلام هذا وأي مجتمع هذا الذي تغتصب فيه الحقوق من دون أن تطبق شريعته العادلة على الطرفين؟ المرأة في العالم الآخر تقود المراكب الفضائية، وعندنا تكبل بالقيود، ويُفترى عليها، ويصادر حقها في الحياة والحرية، وتقبض عليها الأيدي متشابكة لتضعها في قفص الموت كأن الله خلقها من غير طينة الرجال، وكأنها الطاغوت الذي سيفتك بالرجال.إلى متى ستظل النساء في مجتمعنا ضحايا الوصاية، وضحايا المجتمع المتفرج على مسرح الجريمة؟ وضحايا القوانين الوضعية التي وضعتها العادات والتقاليد، وليست من الدين في شيء سوى أن شرذمة تعادي الله وتعادي رسوله جعلت من المرأة فريستها الأولى. [email protected] @zainabghasib