آرسطو وأفلاطون وسقراط، ظهروا مجدداً في أثينا في خضم أزمة اقتصادية حادة تتخبط بها اليونان، من خلال مؤتمر عالمي للفلسفة، أقيم في المواقع التي كان يرتادها هؤلاء الفلاسفة بالتحديد. ويقول تانيلا بوني أستاذ الفلسفة من ساحل العاج وهو من بين ألفي فيلسوف أتوا من 105 دول للمشاركة في المؤتمر الذي يستمر سبعة أيام واختتم أمس: «من المهم أن نأتي إلى المكان الذي ولدت فيه الفلسفة». وينظم المؤتمر الاتحاد الدولي لجمعيات الفلسفة كل خمس سنوات في مدينة مختلفة وهو يقام للمرة الأولى في اليونان. ويشكل المؤتمر هذه السنة دفعاً إيجابياً يحتاجه اقتصاد البلاد المتعثر جداً، خصوصاً العاصمة التي تعاني كثيراً من إجراءات التقشف الصارمة. ويقول البروفيسور تو ويمينغ: «أنا متأثر جداً ليس فقط بالبيئة المحيطة بل أيضاً بالناس واهتمامهم في هذا المؤتمر في مرحلة اقتصادية صعبة جداً». ويضيف: «الفلسفة تعود إلى الفكرة اليونانية الكلاسيكية التي تقوم على معرفة الذات هذه ليست فقط فكرة غربية بل هي أساسية لكل إنسان». غالبية الندوات والمحاضرات نظمت في حرم كلية الفلسفة في جامعة أثينا الواقعة في ضاحية العاصمة، لكن بعض المناسبات أقيمت أيضاً في مواقع تعتبر معقلاً للفلسفة من باحثين وفلاسفة في العالم بأسره. وشملت هذه المواقع ثانوية آرسطو وأكاديمية أفلاطون وتلة بنيكس الواقعة قرب الأكروبوليس والتي كانت تستضيف مجالس المواطنين في العصور القديمة. وتقول مارييتا ستيبانيانتس وهي أستاذة روسية في الفلسفة المقارنة: «عقد المؤتمر في مرحلة الأزمة مهم جداً لأنه يذكرنا بأن لليونان تاريخاً وإرثاً عريقين». وتضيف ستيبانيانتس: «بالنسبة إلى الفلاسفة يرتدي الأمر طابعاً خاصاً، إذ إن كل مكان هنا له معنى خاص بالنسبة إلينا». وتؤكد أنه «بالنسبة إلى اليونانيين يشكل عقد المؤتمر هنا دعماً معنوياً يذكرهم بتاريخ بلادهم الخاص». وتراوحت مواضيع المؤتمر بين فلسفة السياسة واللغة والعلوم والديانة والأخلاقيات وعلم الفلك والتفسيرات الحديثة لكتابات آرسطو وديكارت وهايدغر وكانط ونيتشه وأفلاطون وروسو وسقراط وسبينوزا. مدرسة آرسطو التي أعيد اكتشافها عام 1996 كانت من بين ثلاث مدارس كان يتلقى فيها شباب المدينة تدريباً جسدياً وفكريا قبل 2500 سنة. وهجرت في القرن الرابع بعد الميلاد، وأعيد اكتشافها مجدداً في وسط أثينا خلال حفريات لإقامة متحف الفن الحديث. ولا يزال علماء الآثار يجرون الأبحاث في الموقع الذي يضم بقايا المدرسة ومدرسة المصارعة «بالايسترا» وهو لم يفتح أمام الجمهور بعد. وعلى بعد كيلومترين من المدينة، تقع أكاديمية أفلاطون التي يقال إنها أول جامعة في العالم وقد أسست في القرن الرابع قبل الميلاد وقد أقفلها بعد ذلك الإمبراطور البيزنطي جوستيان. ونظمت محاضرات أيضاً على ضفاف نهر إيليسوس السابق الذي طمر بالكامل تقريباً في مطلع القرن العشرين حيث قال سقراط في تعالميه إن «الحب (إروس) هو حب المعرفة والحقيقة والجمال». وشكل المؤتمر بالنسبة إلى المشاركين من يونانيين وأجانب فرصة للتعالي على المشاكل اليومية. ويقر بوني أن الفلسفة قد لا توفر حلولاً للأزمة، «إلا أنها تطرح أسئلة تساعد في توضيح الرؤية».