وعد الرئيس الأميركي باراك أوباما في مؤتمر صحافي تناول الجزء الأكبر منه برامج «تجسس» وكالة الأمن القومي التي كشفها عميل الوكالة السابق ادوارد سنودن في أيار (مايو) الماضي قبل أن يلجأ إلى روسيا الأسبوع الماضي، بتدشين «عهد جديد» في وكالات الاستخبارات الأميركية عبر اقتراحات جديدة لتعزيز الشفافية في عملها ومنع ارتكابها تجاوزات، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة لا تريد أن تتجسس على «المواطنين العاديين». وقد يمثل هذا الإعلان انتصاراً جزئياً لأنصار سنودن الذي تحاول إدارة أوباما إعادته إلى الولاياتالمتحدة، من أجل مواجهة اتهامات ب «التجسس»، علماً أن «جمعية الدفاع عن الحريات على الإنترنت» رحبت «بأول مرحلة أساسية في اتجاه حوار ديموقراطي ضروري منذ فترة طويلة»، داعية الكونغرس إلى التحرك بلا تأخير «لوقف جمع البيانات الهاتفية للأميركيين على نطاق واسع». في المقابل، دعا الجمهوريون الرئيس الأميركي إلى عدم نسيان المهمة الأولى للاستخبارات. وقال برندانا باك، الناطق باسم رئيس مجلس النواب جون باينر إن «الشفافية مهمة، لكن يجب أن يؤكد البيت الأبيض أن الإصلاح لن يؤثر على عملانية البرامج». وقال أوباما: «نقترح تعيين مسؤول عن الحياة الخاصة في وكالة الأمن القومي، وإعلان ما تفعله وما لا تفعله وكالات الاستخبارات. كما سنرفع السرية عن وثائق الاستخبارات». وأضاف: «نستطيع اتخاذ إجراءات تسمح بمزيد من الرقابة والشفافية، وسأعمل مع الكونغرس لإصلاح الفصل 215 من قانون باتريوت أكت لمكافحة الإرهاب تسمح لوكالة الأمن القومي بجمع بيانات هاتفية (مدة الاتصال والأرقام التي تم الاتصال بها)». وزاد: «نظراً إلى حجم البرنامج، أفهم مخاوف أشخاص يخشون سوء استغلاله، على رغم كونه أداة مهمة في كشف المؤامرات الإرهابية»، مشدداً على أن «الإدارة لا تريد التجسس على المواطنين العاديين، وتريد استعادة ثقة الناس في برامجها، إذ من المهم تحقيق التوازن السليم بين الأمن والحريات المدنية». واقترح أوباما أيضاً تعزيز صلاحيات محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية السرية التي تضم 11 قاضياً يعود اليهم أمر السماح لوكالة الأمن القومي بالطلب من مشغلي الهاتف والإنترنت الحصول على بيانات مشتركيها، وكذلك كشف «أكبر قدر من المعلومات عن برامج التنصت ومراقبة الاتصالات، علماً أننا رفعنا سابقاً السرية عن قدر غير مسبوق من المعلومات الخاصة بوكالة الأمن القومي، ولكن نستطيع الذهاب أبعد». وأضاف: «اتخذت كرئيس إجراءات لفرض مراقبة صارمة على فروع الدولة الثلاثة، وقيود لمنع التجاوزات وحماية حقوق الشعب الأميركي. ونظراً إلى التجاوزات التي ارتكبتها الحكومات على مرّ التاريخ، من الطبيعي التساؤل عن المراقبة، خصوصاً منذ أن أعادت التكنولوجيا رسم كل جوانب حياتنا». وطمأن أوباما شركاء الولاياتالمتحدة في الخارج، مؤكداً أن استخبارات بلاده «لا تهتم بالتجسس على أناس عاديين، وتركز على البحث عن معلومات ضرورية لحماية شعبها، وفي حالات كثيرة حماية حلفائها». وكان كشف برامج التنصت الأميركي على الإنترنت أغضب شركاء واشنطن، وفي مقدمهم ألمانيا. وأفادت مجلة «دير شبيغل» الالمانية أمس، بأن الاتحاد الاوروبي اندرج ضمن الاهداف الرئيسة لتجسس وكالة الأمن القومي الاميركية، خصوصاً في قضايا السياسة الخارجية للاتحاد والتجارة الدولية والاستقرار الاقتصادي.