تضاءلت أمس فرص التوصل إلى حل سياسي للأزمة المصرية، رغم زيادة عدد الوسطاء العرب والدوليين وإطلاق السلطات أيديهم لمحاولة التوصل إلى حل، إذ مكنتهم من لقاء نائب مرشد «الإخوان المسلمين» خيرت الشاطر داخل محبسه، ومن بعده رئيس الذراع السياسية للجماعة سعد الكتاتني، ما أظهر عدم قدرة قيادات الجماعة خارج السجن على التوصل إلى اتفاق. وينهي وزيرا خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد وقطر خالد بن محمد العطية ونائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز اليوم زياراتهم إلى القاهرة بعد تمديدها للمرة الثانية، فيما وصل أمس عضوا لجنة الدفاع في الكونغرس الأميركي جون ماكين وليندسي غراهام في زيارة لمصر تستمر يومين بناء على طلب من الرئيس باراك أوباما لإجراء محادثات مكثفة مع أطراف الأزمة، ما يظهر أن اليوم سيكون حاسماً في المفاوضات. وكان ارتباك ساد الأوساط الرسمية بعد كشف زيارة وزيري خارجية الإمارات وقطر ونائب وزير الخارجية الأميركي والمبعوث الأوروبي إلى جنوب المتوسط بيرناردينو ليون إلى الشاطر في محبسه، إذ نفت وزارتا الداخلية والخارجية حصول اللقاء. لكن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أكدته نقلاً عن مصادر قضائية، قبل أن يحسم الناطق باسم الرئاسة أحمد المسلماني الأمر، مؤكداً أن الوفد التقى الشاطر في ساعة متقدمة من ليل أول من أمس والتقى الكتاتني أمس. وبدا أن جماعة «الإخوان» استغلت الارتباك الحكومي لمصلحتها، إذ سعت إلى ترسيخ انطباع لدى أنصارها بأن القيادات «تتعرض لضغوط دولية ومتمسكة بموقفها»، فخرج الناطق باسم الجماعة أحمد عارف على المنصة أمام حشد من أنصاره ليتلو بياناً لم ينف فيه لقاء الوفد الدولي الشاطر، لكنه أكد أن جماعته ترى أن الرئيس المعزول محمد مرسي «هو الرئيس الشرعي المنتخب وهو وحده الذي يمثل الشعب وعلى من يريد التحدث إلى المصريين في أي شأن أن يلتقيه دون سواه». ولفت إلى أن «التحالف الوطني لدعم الشرعية» الذي تقوده الجماعة «هو الجهة الوحيدة المعنية بتمثيل المعتصمين والمتظاهرين السلميين في ميادين مصر المختلفة». وأقر الناطق باسم «الإخوان» جهاد الحداد بأن «الوفد الأجنبي ذهب بالفعل إلى الشاطر في السجن، ودعاه المأمور إلى مكتبه، وعندما جاء وعلم من يطلب لقاءه رفض الاجتماع بهم، قائلاً ليس لي صفة أحدثكم بها. حل مشكلتكم يكمن في يد الرئيس مرسي فاذهبوا إليه، ولا بديل لكم عن عودة الشرعية كاملة». غير أن مسؤولاً مصرياً أكد أن لقاء وفد الوساطة مع الشاطر «استمر ساعة، واستهدف التوصل إلى صيغة توافقية لفض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر من دون إراقة دماء». وقال إن السلطات سمحت بالزيارة «في إطار الجهود التي تبذلها القيادة السياسية للتعامل مع الاعتصامين من دون اللجوء إلى التدخل الأمني». وأشار إلى أن «بعض الأطراف الدولية طلب التدخل لحل الأزمة سلمياً، خصوصاً بعد تفويض مجلس الوزراء وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الاعتصامين وبعد دعوة وزارة الداخلية المعتصمين إلى الانصراف مع التعهد بعدم ملاحقتهم أمنياً، وهو ما انطوى في مضمونه على إعلان لبدء الإجراءات القانونية تجاه الاعتصامين». وأضاف أن «وزارة الداخلية وضعت بالفعل خطة أمنية شملت ثلاثة محاور رئيسة للتعامل مع الاعتصامين يشمل الأول دعوة المعتصمين إلى الانصراف من الميدانين مع التعهد بعدم ملاحقتهم وحمايتهم وضمان خروجهم الآمن، أما المرحلة الثانية فتشمل حصار الميدانين وغلق الطرق المؤدية إليهما، والمحور الثالث يشمل فض الاعتصام بالطرق والسبل القانونية المتعارف عليها». في المقابل، حدد نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان» عصام العريان في بيان أمس شروط جماعته للحل، مشيراً إلى أنها متمسكة «بعودة الدستور والرئيس بصلاحياته الدستورية ومجلس الشورى، على أن يتم إجراء انتخابات لمجلس النواب سريعاً لتظهر الإرادة الشعبية في اقتراع حر وتنتقل إليه سلطة التشريع كاملة، وتشكل الغالبية حكومة برلمانية تتولى السلطة التنفيذية وفق الدستور، ثم انتخابات لمجلس الشورى». وأضاف أن الخطة التي خلت من القبول بانتخابات رئاسية مبكرة الذي تضمنته اقتراحات سابقة من الجماعة، تتضمن «أن يقترح رئيس الجمهورية أو خمس مجلس النواب التعديلات الدستورية المقترحة لإقرارها في البرلمان ثم استفتاء الشعب عليها، وتتم المصالحة الوطنية ومحاكمة القتلة والمحرضين على قتل كل الثوار من كانون الثاني (يناير) 2011 وحتى الآن، ويعود الجيش إلى ثكناته فور عودة الرئيس إلى مهماته ويتولى الأمن في سيناء». وقال: «ما لم يعرفه السادة الزوار أن إرادتنا صلبة لا تكسرها السجون ولا ترهبها الأسوار ولا تمنعها قوافل الشهداء عن المضي حتى تحقق أهداف ثورة يناير التي وضع إطارها الدستور الذي منحه الشعب لنفسه بإرادته الحرة». والتقى نائب الرئيس للعلاقات الدولية محمد البرادعي أمس القيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» عمرو موسى في قصر الاتحادية الرئاسي، وأوضح موسى أن اللقاء «ناقش الظروف والتطورات التي تمر بها البلاد حالياً». وسألته «الحياة» عما إذا كانت الوساطات الدولية أتت بنتائج لحل الأزمة السياسية، فأشار إلى «أننا أمام يوم حاسم... الوفود الدولية مستمرة في جهود الوساطة حتى اليوم، وإذا لم نتمكن من التوصل إلى حل سياسي سيكون التدخل أمنياً». وعما يطلبه «الإخوان» لتسوية النزاع، قال إن «موقفهم حتى الآن غير واضح ولم يقدموا مبادرات يمكن التفاوض حولها، وهم متمسكون حتى الآن بعودة مرسي والدستور، لكنهم في الوقت نفسه يتحدثون عن إمكان إبداء بعض المرونة». لكن نائب رئيس حزب «الوطن» السلفي المتحالف مع «الإخوان» يسري حماد أكد ضرورة أن يقدم الطرفان مرونة لحل الأزمة. وقال ل «الحياة»: «عرضنا الاحتكام إلى الإرادة الشعبية عبر الاستفتاء لكنهم رفضوا... الوفود الدولية تأتي للضغط باتجاه التسليم بالأمر الواقع وإنهاء الاعتصام وهو ما نرفضه». واعتبر أن لقاء وفد الوساطة مع الشاطر «محاولة لإيجاد مخرج عبر التحدث إلى رمز سياسي قوي». واستقبل أمس رئيس الحكومة حازم الببلاوي مبعوث الاتحاد الأوروبي الذي عرض نتائج اللقاءات التي أجراها مع ممثلي مختلف القوى السياسية. وأشار ليون خلال اللقاء إلى «حرص الاتحاد الأوروبي على أن يسود الاستقرار في مصر من خلال الحوار البناء والسلمي وفي إطار عملية سياسية شاملة لا تقصي أحداً ولا تستبعد أي فصيل». وأكد الببلاوي أن «الحكومة ملتزمة تنفيذ بنود خريطة الطريق التي أقرتها قوى الشعب»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «مصر وطن للجميع، وآفاق العمل السياسي السلمي تتسع للقوى السياسية كافة من دون إقصاء أو استبعاد، والحوار هو أساس حل المشاكل وليس العنف، كما أن إعادة الأمن والاستقرار أمر لازم ولا مناص منه، ومن ثم يجب العمل على تحقيق ذلك بكل الوسائل المشروعة».