في الطوابق السفلية لمتحف الملكة صوفيا في مدريد، يتنقل روبوت ضخم ببطء على لوحة للرسام الكاتالوني السوريالي خوان ميرو ملتقطاً مئات الصور لها بأدق تفاصيلها التي ستشكل أداة مهمة جداً في ترميمها. الصور الملتقطة من الروبوت الذي يستخدم الاشعة دون الحمراء وفوق البنفسجية، ستساعد الخبراء في تحليل وضع اللوحة الزيتية البالغ طولها 260 سنتيمتراً وعرضها 185 سنتيمتراً والعائدة الى العام 1974 وهي بعنوان «نساء، طير الليل». على هذه اللوحة، كما على لوحات اخرى، يكمن هدف هذه الاداة البالغة التطور اظهار التشققات الصغيرة والخدوش، فضلاً عن طبقات الصباغ الاصلية او التنقيحات التي لم تكن مرصودة من قبل. ويقول أومبرتو دوران (47 سنة) خبير المعلوماتية المتخصص في ترميم اللوحات الذي اشرف على تصميم الروبوت: «يمكننا الآن ان نرى الكثير من التفاصيل التي لا يمكن ان نراها بالعين المجردة». ويضيف وهو يرتدي الرداء الابيض الذي يضعه فنيو المختبرات جالساً امام كومبيوتر يساعده في توجيه الروبوت: «على هذه اللوحة رصدنا سلسلة من التنقيحات والبقع التي كانت خافية تماماً». ويوضح أن الروبوت الذي اطلق عليه اسم «بابليتو» استخدم للمرة الاولى عام 2012 في ترميم رائعة بابلو بيكاسو «غيرنيكا». يبلغ طول الروبوت تسعة امتار وارتفاعه 3.5 متر ووزنه 1.2 طن. وقد التقط 22 الف صورة للوحة الكبيرة، تحلَّل راهناً في مشاغل الترميم في متحف «رينا صوفيا» (الملكة صوفيا) للفن الحديث الذي افتتح العام 1992 واستقبل 2.5 مليون زائر العام الماضي. ومنذ ذلك الحين استخدم الروبوت في ترميم عشر لوحات غالبيتها لميرو في اطار التحضير لمعرض مكرس للفنان سيقام العام المقبل في الولاياتالمتحدة. ويضم متحف الملكة صوفيا، وهو من اهم الصروح الثقافية في مدريد إلى جانب متحف برادو، لوحات لدالي وميرو وفرنسيس بايكون. وهو مقام في مستشفى قديم يعود الى القرن الثامن عشر تم ترميمه. وقد ابرم المتحف شراكة مع شركة «تيليفونيكا» للاتصالات لتطوير الروبوت البالغة كلفته 150 الف يورو. ويتنقل الروبوت الذي يمكنه العمل على مدار الساعة من دون مراقبة، بدقة 25 ميكروناً، ويمكن برمجته لالتقاط الصور عن قرب او بعد. وقد صمم «بحيث لا يلمس اللوحة ابداً»، كما يؤكد مدير خدمات الترميم في المتحف خورخي غارثيا. وتقول كارمن مورو، وهي عالمة كيماوية تعمل في مشغل الترميم: «الروبوت يساعدنا كثيراً في عملنا. قبل ان نبدأ العمل على شيء ما، يجب ان نعرف ما لدينا».