دانت الجزائر «بشدة» الاعتداء المسلح الذي سقط ضحيته عدد من عناصر القوات العسكرية التونسية تعرضوا لمكمن نُصب لهم الاثنين في جبل الشعانبي في ولاية القصرين. ودعت المجالس الأمنية للولايات الحدودية مع تونس إلى الإجتماع «فوراً» واعتبار اجتماعها «مفتوحاً» لغاية ظهور معطيات جديدة. وأعلن الناطق باسم وزارة الخارجية عمار بلاني أن «الجزائر تدين بشدة العمل الإرهابي الشنيع الذي خلّف عدة ضحايا في صفوف القوات العسكرية التونسية إثر كمين جبان نصب في جبل شعانبي في منطقة القصرين»، موضحاً أنه «في هذا الظرف الأليم نوجه تعازينا لأقارب الضحايا ونعرب عن تضامننا الكامل مع السلطات والقوى السياسية والاجتماعية التونسية في كفاحها ضد الإرهاب». إلى ذلك، نفت مصادر جزائرية رفيعة أن يكون في نية الحكومة إغلاق المعابر الحدودية مع تونس، رداً على تقارير تونسية تحدثت عن إجراء مماثل يسبق عمليات عسكرية مشتركة بين البلدين. ونفت المصادر ذاتها مشاركة الجيش الجزائري في أي عملية داخل التراب التونسي، مشيرة إلى أن تحرك الجيش الجزائري مدعوماً بالطيران الحربي يتم فوق التراب الوطني في الجهة الحدودية المطلة على ولاية القصرين. وقرر رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح زيارة ولاية قسنطينة (400 كلم شرق العاصمة الجزائر) حيث مقر الناحية العسكرية الخامسة التي تتبع لها القوات المرابطة على الشريط الحدودي في ولايات تبسة وسوق أهراس والطارف ووادي سوف. وكان رئيس الأركان قد عاد لتوه من زيارة إلى ولاية إليزي الحدودية مع ليبيا في سياق مساعي الجزائر لاحتواء مظاهر العنف والانفلات على الحدود الشرقية. وتشكو الجزائر من غياب شريك عسكري جاهز في عمليات مكافحة الإرهاب، عدا وجود بعض التنسيق الأمني مع السلطات التونسية لم يتطور إلى عمليات عسكرية مشتركة. وأفادت مصادر غير رسمية عن نشر ما يقارب سبعة آلاف جندي جزائري على محور يمتد على نحو 300 كلم، لتغطية الجهة المقابلة لجبل الشعانبي الذي يصل إلى ولاية تبسة في الجزائر، وهو رواق معروف بنشاط المهربين منذ زمن. ويربط الرواق جبل الشعانبي في تونس، بغابة الصنوبر في بوشبكة في تبسة وغابة المريج في رأس العيون الشهيرة بتضاريسها الصعبة. وتلك الغابات عبارة عن مئات الهكتارات من أشجار الصنوبر، كانت قبل ستين سنةً مركزاً للمجاهدين الجزائريين خلال الثورة التحريرية وممراً رئيسياً لعمليات نقل السلاح القادم من تونس وليبيا وحتى من مصر. وتضم تلك الغابات عشرات المخابئ الجبلية والمغارات والشعاب وتسمح مسالكه بالتسلل إلى عدة مناطق جبلية في الجزائر كجبل الحويجبات وجبل أنوال وبوجلال. كما أن من الصعب جداً كشف التحركات في هذه السلسلة الجبلية التي تبلغ مساحتها 100 كلم مربع. وفي السياق نفسه، طلبت جهات عسكرية عليا من ولاة الولايات الحدودية مع تونس، أخذ احتياطات ميدانية بسبب الوضع الأمني المتطور في مناطق تونسية قريبة من الحدود. وعرضت قيادة الجيش على السلطات المدنية تقديم توجيهات في كيفية التعاطي مع ما يُعتقَد أنه نشاط متزايد ل «الجهاديين» في المنطقة الفاصلة بين الدولتين لا سيما في ولاية تبسة، والممرات التي يسلكها المسلحون عادةً انطلاقاً من ليبيا إلى تونسوالجزائر أو من مالي إلى شمال القارة.