تجتهد فاعليات خيرية وطلابية في الأردن لمكافحة اتساع ظاهرة الجوع والفقر، خصوصاً في رمضان، مع اشتداد وطأة الأسعار على أفراد الشعب الأردني الذي ترزح نسبة كبيرة منه تحت خط الفقر، لا سيما في المناطق الواقعة في أطراف العاصمة عمان. وينتظر الستيني أبو أحمد الذي يسكن في أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في عمان الشرقية الساعة السادسة من مساء كل يوم في رمضان أن يطرق بابه متطوع يعمل في «بنك الطعام» الأردني لتقديم وجبة الإفطار لعائلته المكوّنة من 6 أفراد لا يملكون قوت يومهم. ويؤمن أبو أحمد الذي كان يجلس بجوار الباب يسترق السمع إلى الخطوات المتسارعة لمتطوعي البنك في الحارة لتوزيع ما لديهم من وجبات قبل أن يُرفع أذان المغرب، بأن الله يسّر له هؤلاء الشباب المتطوعين، وأنه لا يدري كيف كان سيتدبّر طعام الإفطار لعائلته من دونهم. ويقول: «غالباً ما يكون تدبّر طعام العائلة أسهل في غير رمضان، فالجميع يرضى بما قسم الله له من الطعام اليسير على فترات. أما في رمضان، فتكون شهية أفراد العائلة مفتوحة على وجبات دسمة، وهذا ما يوفره بنك الطعام لنا». إلى أبو أحمد، يحرص الثلاثيني زهير العدوي الذي يعاني فشلاً كلوياً أقعده عن العمل وأفقده زوجته على تناول وجبة الإفطار في مطعم وجبات سريعة في عمان اتفق معه البنك على تقديم وجبات الإفطار للفقراء طوال الشهر الكريم. الأمن الغذائي أولاً يشير العدوي، الذي يسير مسافة كيلومترين يومياً للوصول إلى المطعم، إلى أنه علم بوجبات الإفطار هذه من خلال وسائل الإعلام، موضحاً أنه يصطحب في كثير من الأحيان شقيقه العاطل من العمل. وتبلغ نسبة الفقر في المملكة، بحسب وزارة التخطيط الأردنية، نحو 14.4 في المئة. وكانت فاعليات خيرية أطلقت أخيراً، بالتعاون مع رجال أعمال، جمعية «بنك الطعام الأردني» بهدف القضاء على الجوع وتوفير الطعام للأسر الفقيرة والمحتاجة. وبحسب رئيسة الجمعية المهندسة كوثر قطارنة، فإن البنك يسعى إلى المساهمة في القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي لعدد من فئات المجتمع، ومنها الأيتام وذوو الإعاقة وكبار السن غير القادرين على العمل في مختلف أحياء العاصمة عمان. وكانت فكرة تنفيذ البنك ولدت لدى مجموعة من طلبة الجامعة الأردنية، بالاشتراك مع مجموعة «خطوات» الشبابية، كفكرة إنسانية تطوعية. وتقوم الفكرة على ترتيب زيارات فنادق من فئة الخمس نجوم، وتسلم زوائد الطعام ذات الجودة العالية من هذه الفنادق وترتيبها وتغليفها، ثم توزيعها على عائلات مستورة في مختلف مناطق الفقر في البلاد. ويتألف مطبخ البنك من متطوعين محليين يرغبون في تنفيذ خدمات اجتماعية من خلال توزيع طرود الطعام إلى المحتاجين على مدار العام. نشاطات خيرية... أبعد من الطعام وإلى توزيع طرود الطعام، ينظم «بنك الطعام الأردني» نشاطات خيرية عدة، مثل توزيع الملابس ووسائل التدفئة المتاحة والخدمات الطبية. ويرى عميد كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة العلوم الإسلامية العالمية الدكتور محمد الزغول أن المبادرة تنسجم مع معطيات الإسلام ومقاصد الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أن القرآن الكريم حض على إطعام المحتاج. وتقول قطارنة إن البنك يعمل وفق آلية دقيقة ومدروسة للحصول على التبرعات من القطاعين الحكومي والخاص، وإيصالها إلى المحتاجين والفقراء، إضافة إلى التعاون مع الجهات المتعددة ذات العلاقة على دراسة مناطق الفقر والجوع وتنميتها وإنشاء مشاريع مشتركة فيها، بناء على أسس واضحة. وتوضح أن البنك يسعى إلى تنفيذ بضعة مشاريع أبرزها: قرية خالية من الجوع، بالتعاون مع وزارة التخطيط التي زودته بدراسة مسحية أجرتها حول جيوب الفقر، مشيرة إلى أن الاختيار وقع على قرية غور فيفا التابعة لمحافظة الكرك التي تبعد نحو 150 كيلومتراً جنوب عمان. وبحسب قطارنة، ستجرى دراسة القرية التي اختيرت، من حيث عدد السكان والمشاريع التي يمكن تنفيذها فيها بحسب طبيعتها، ومن ثم سيُعمَل على تأهيل مواطنيها وتدريبهم لتحقيق مبدأ التنمية المستدامة، وفق المشاريع التي تناسبها. وتشير قطارنة إلى وجود شركاء للبنك معنيين بالنواحي الصحية لأهل القرية، للتعرف إلى طبيعة الطرد الغذائي الذي يجب أن يتوافر للعائلات المحتاجة. وإذا كان أحد أفراد العائلة مصاباً بمرض معين، فإن الطرد سيحتوي على جزء من الغذاء المناسب له، بحسب وضعه الصحي.