بعد عملية اقتراع خلت تقريباً من أي شوائب أمنية، بدأ التململ يتسلسل إلى صفوف فريقيّ المرشحين الرئيسيين للفوز برئاسة مالي، فبعد إعلان فريق الحملة الانتخابية لرئيس وزراء مالي السابق إبراهيم أبوبكر كيتا أول من أمس، أن مرشحهم متقدم بفارق كبير ومن الممكن أن يحقق انتصاراً من الجولة الأولى، أعلن خصومهم في حملة وزير المالية السابق سومايلا سيسي أنهم متأكدون من إجراء جولة إعادة. وتأتي تلك التصريحات قبل الإعلان عن النتائج الرسمية من الانتخابات التي أجريت الأحد الماضي، وهي أولى المؤشرات على التوتر بعد تسجيل نسبة إقبال كبيرة على التصويت وعدم حصول أعمال عنف كثيرة، مما يظهر مدى رغبة الماليين في طي صفحة الاضطرابات والحرب والانقلاب العسكري المستمرة منذ أكثر من سنة. وقال الناطق باسم كيتا، محمدو كامارا: «لدينا معلومات تأتي من مراقبينا بعد فرز الأصوات في مراكز الاقتراع، لذلك فان هذه الأرقام يمكن مبدئياً الاعتماد عليها، وهي تقودنا إلى أن نعتقد أن مرشحنا متقدم بفارق كبير وهذا الفوز في الجولة الأولى قد يكون ممكناً». وكان المدير العام للتلفزيون الرسمي صرح في وقت متأخر أول من أمس، بأنه من المقرر الإعلان عن النتائج الأولية الكاملة يوم الجمعة المقبل. في المقابل، قال منافسو كيتا ومن بينهم وزير المال السابق سيسي ورئيس الوزراء السابق موديبو سيديبي ودرامان ديمبيلي مرشح أكبر حزب سياسي في مالي، أنهم متأكدون من أنه ستكون هناك حاجة إلى جولة ثانية من الانتخابات، إذ أنه في حال عدم حصول أي مرشح على أكثر من 50 في المئة من الأصوات ستجرى جولة إعادة في 11 آب (أغسطس) المقبل. واجتمع المرشحون الثلاثة، وهم أعضاء في الجبهة المتحدة لحماية الديموقراطية التي وقفت في وجه انقلاب العام الماضي، لاصدار بيان مشترك. وأعلن سيسي وهو أيضاً من المرشحين الأكثر ترجيحاً للفوز بالرئاسة أن تنظيم دورة ثانية أمر «أكيد ولا مفر منه بالنظر إلى الارقام التي لدينا». وقال سيسي وهو أقوى منافس لكيتا إنه أبدى قلقه من الاستعدادات قبل إجراء الانتخابات وإنه سيطعن في النتائج إذا لم تجر جولة إعادة. وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، هنأت الولاياتالمتحدة مساء أول من أمس، مالي على تنظيم الانتخابات الرئاسية، وحضت الماليين على قبول نتائجها. وعلّق الناطق باسم الخارجية الأميركية باتريك فانتريل الذي شددت بلاده على الدوام على عودة الديموقراطية إلى مالي بالتزامن مع التدخل العسكري الفرنسي ضد المتشددين الإسلاميين في شمال البلاد. وقال: «نهنئ الشعب المالي لحماسته والتزامه في هذه الانتخابات». وأضاف أن واشنطن «تهنئ الحكومة الانتقالية لأنها نظمت الانتخابات في أجواء هادئة ومنظمة تمكن خلالها الماليون من ممارسة حقهم في التصويت. وندعو كل المرشحين وكل الأطراف إلى قبول النتيجة التي تمثل إرادة الشعب المالي». إلى ذلك، لاحظ المراقبون الوطنيون والدوليون مشاركة كبيرة من الناخبين، الذين يبلغ عددهم سبعة ملايين. وأعلن رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي لوي ميشال أن نسبة المشاركة في الدورة الأولى من الانتخابات تُقدَّر ب «نحو 50 في المئة»، معتبراً أن هذا الاقتراع جرى في «شروط ممتازة». وذكّر بأن النسبة خلال الانتخابات الرئاسية الماضية لم تتجاوز 38 في المئة. وقال ميشال: «أهنئ الماليين بما انجزوه»، مشيداً ب «مرحلة أولى تكللت بالنجاح للعودة مجدداً الى الديموقراطية» في مالي. وهذه الانتخابات هي الأولى منذ انقلاب آذار (مارس) العام الماضي، الذي أدى إلى احتلال انفصاليين ومتمردين إسلاميين لشمال مالي. وتدخلت قوات فرنسية في كانون الثاني (يناير) من العام الجاري لهزيمة المقاتلين المرتبطين بتنظيم «القاعدة» والذين لم ينفذوا تهديداتهم بتعطيل الانتخابات.