وصف مسؤول أوروبي بارز مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بالأصعب والأكثر تعقيداً في مسار عملية السلام، خصوصاً أولئك الموجودين في لبنان، وكشف عن وجود طروحات لحل هذه القضية، منها منحهم الجنسية الفلسطينية وحق التصويت في الدولة الفلسطينية التي من المفترض اقامتها، والعودة مع مرور الوقت الى دولتهم فلسطين. وأشار الى أن الطروحات التي تبحث اليوم في الولاياتالمتحدةوالعواصم الأورويبة الكبرى تتركز على ثلاثة قضايا، الحدود واللاجئون والقدس. ورسم المسؤول الأوروبي ل «الحياة» الخطوط العريضة لعناصر خطة السلام المتداولة سرياً، والتي من المتوقع أن تشكل الخطوط العريضة لمقترحات الرئيس باراك أوباما للسلام، علماً ان المسؤول الأوروبي الذي فضل عدم ذكر اسمه، شارك في وضع هذه الأفكار، كما شارك في الاجتماعات التي تمت في العواصم الأوروبية وفي واشنطن. وشدد المسؤول على ضرورة وقف الاستيطان فوراً وكلياً «لأن عملية الاستيطان تقتل السلام»، فعند بدء عملية الاستيطان لم يتجاوز عدد المستوطنين 30 ألفاً، فيما اليوم يقارب عددهم 400 ألف. وحدد المسؤول المهلة المعطاة لتوقيع اتفاقية السلام بالسنتين في أبعد تقدير، ويفضل انهاءها بأقصى سرعة. واعتبر عقد مؤتمرات سلام جديدة وفخمة «مضيعة للوقت»، بل من المفضل الاتفاق على الحلول، ثم عقد هذا المؤتمر في النهاية. وستُعرّف الحدود النهائية للدولة الفلسطينية بالقول انه عند نهاية المفاوضات يحصل الفلسطينيون على 22 في المئة من فلسطين الانتدابية، وسيحصل تغيير في الحدود على أساس متساوٍ، وعلى أساس قيمة الأرض التي سيتم تبادلها. أما بالنسبة الى المستوطنات، فإنها ستحل على أساس أن يبقى العدد الأكبر من المستوطنين في المساحة الأقل من الأرض، وعندما تنتهي الصفقة سيتم إجلاء جميع المستوطنين الموجودين شرق الحدود، اما من أراد البقاء منهم، فسيكون جزءاً من الدولة الفلسطينية. وأشار المسؤول الى ان هذا الطرح لا يشكل الحدود النهائية التي يجب أن يتفق عليها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، بل يقدم طرحاً لهؤلاء الأطراف، مشيراً الى انه تم طرح هذه الأفكار على الطرفين في السابق، أي أن هذا ليس طرحاً جديداً لهم. واعترف المسؤول بأن قضية اللاجئين هي الأكثر تعقيداً، شارحاً الأسس التي تطرح الحلول على أساسها، وهي «أولاً الاعتراف بحقوق اللاجئين، من دون أن يعني ذلك عودتهم، وثانياً علينا إيجاد لغة خلاقة لتفسير القرار الأممي الرقم 194، وثالثاً إيجاد الأموال لإعادة توطين من يريد من هؤلاء اللاجئين ترك البلدان التي يعيشون فيها، وهم في الواقع يعاملون بشكل سيئ في الكثير من البلدان، ومن جانب الفلسطينيين الذين غالباً ما يستعملون هؤلاء اللاجئين كأداة ووسيلة». وأضاف: «نعتقد أنه لا بد من أن نقدم عرضاً لهم، يتضمن منحهم الجنسية الفلسطينية، أي جواز سفر فلسطيني، كذلك تقديم تعويضات للذين خسروا ممتلكاتهم، وأيضاً المساعدة في اعادة توطينهم في بلدان أخرى، وهذا طبعاً سيتطلب مساعدة البلدان التي سيتوجهون اليها، ومع الوقت سيستطيع هؤلاء اللاجئون العودة الى وطنهم فلسطين، أي الى الدولة الفلسطينية التي ستنشأ، لكننا نعتقد أن معظمهم سيفضل البقاء حيث هو اليوم، وهذا سيعني بناء بيوت جديدة لهم ومخيمات. المهم هنا منحهم خيار البقاء حيث هم أو إعادة توطينهم في مكان آخر». وشدد المسؤول الأوروبي البارز على أن يكون هذا العرض بإعادة التوطين واقعياً وحقيقياً، وقال انه يمكن توطين هؤلاء في بعض الدول العربية، وكذلك كندا وأستراليا، والبعض يطرح قبول دول مثل بريطانيا وفرنسا ودولٍ أوروبية أخرى بتوطين بعض هؤلاء، مضيفاً انه يعتقد ان الفكرة مقبولة أوروبياً عموماً. ويهز المسؤول رأسه بقوة عند طرح موضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ويقول: «نعم، صحيح، هذه مشكلة كبيرة للبنان، وأونروا (وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين) تعتقد ان عددهم لا يتجاوز 200 ألف فلسطيني، إذا رحل الكثير منهم. لكن لنتصور سيناريو حيث أن معظم هؤلاء يريد البقاء في لبنان، فإن هؤلاء سيحملون جوازات سفر فلسطينية، وهم مواطنون فلسطينيون وليسوا لبنانيين، أي أنهم لن يصوتوا في لبنان، بل في فلسطين، ولن تكون لهم حقوق سياسية في لبنان بل في فلسطين، ولنتذكر هنا أيضاً أنهم سيملكون خيار إعادة توطينهم». وتابع: «المشكلة الأكثر حساسية وصعوبة هي طبعاً القدس التي من دون حلها لن نحصل على تأييد المملكة العربية السعودية أو دول مسلمة مثل إيران». وأضاف ان «القدس هي مفتاح الشرعية الإسلامية للحل، ليس فقط عربياً بل عالمياً، هذا الحل يهم مسيحيي العالم أيضاً، وبينما تبقى الأفكار حول قضية القدس غامضة الى حدٍ ما، فإن الحل سيكون بمنح إدارة الأماكن المقدسة الى المملكة الأردنية الهاشمية والفلسطينيين، بينما يدير الإسرائيليون مقدساتهم». ويستدرك المسؤول طروحاته الطموحة كما يصفها، ويقول: «نعلم جيداً أن هذه الطروحات لا تزال حبراً على ورق، لكننا نعلم أيضاً أن هناك تجاوباً غير معلن بالنسبة الى هذه الطروحات وغيرها، فنحن سمعنا من دول عربية عن استعدادها للقيام بسلسلة بادرات تطبيع تجاه إسرائيل، أي فتح مكاتب تمثيلية كتلك الموجودة في الدوحة، أو منح إذن للطيران الإسرائيلي بالتحليق فوق أجوائها، وكذلك منح تأشيرات دخول للمشاركين الإسرائيليين في المؤتمرات الدولية». وسخر المسؤول الأوروبي البارز من طرح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو فكرة اعتراف الفلسطينيين والعرب بدولة إسرائيل يهودية، واصفاً إياها بغير الواقعية بل والسخيفة، وأضاف: «هذه الفكرة لا تستحق الوقوف عندها، وهي توقف أي طرح جدي لاستئناف عملية السلام، بل انها عذر يقدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي للعرب لوقف التقدم نحو السلام، وهي أيضاً لإضاعة الوقت واستمرار الاستيطان». وأكد: «إذا ما حصلنا على الدولة الفلسطينية، فإننا سنحتاج الى قرار من مجلس الأمن يعطي الشرعية لهذه الدولة. كما اننا سنحتاج الى إنشاء قوة دولية ترسل الى الحدود الفلسطينية لحماية الدولة الجديدة وجيرانها من أولئك الذين سيحاولون إرسال صواريخ أو القيام بأعمال عدائية». وأضاف: «نفكر هنا بالنموذج الأمني بعد قيام دولة تيمور الشرقية، حيث جاء الأستراليون لحماية حدود الدولة الجديدة». وتابع: «هذه القوات ستبقى حتى إنشاء منظومة أمنية تابعة للدولة الفلسطينية، هذا مع العلم أن الإسرائيليين يتحدثون باستمرار عن قوات إسرائيلية لحماية الحدود. وهذا طبعاً يعتبر اختراقاً لسيادة الدولة الفلسطينية الناشئة». وأشار الى أن هذه القوات ستكون مختلفة عن قوات «يونيفيل» لأنها ستقدم ضمانة أمنية لدولة فلسطينالجديدة، كما انها ستعمل ضمن القيود الأمنية لجيرانها وبحسب الشروط التي ستوضع لتأليفها وعملها. وأشار المسؤول الى أن هذه القوات قد تكون أردنية لأن في هذه المنطقة دولتين تتشاركان في المصالح نفسها بالنسبة الى قيام دولة فلسطينية مستقرة ومستقلة وديموقراطية، هما الأردن وإسرائيل، ومن الطبيعي جداً أن تتمتع دولتا فلسطين والأردن بعلاقات مميزة وقريبة، وهذا لا يعني على الإطلاق الأردن كوطن بديل، بل ان قيام الدولة الفلسطينية ينفي والى الأبد فكرة الأردن كوطن بديل. ونوه المسؤول الأوروبي بمشاركة أوباما الفاعلة والسريعة في إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مضيفاً: «علينا نحن الأوروبيين مؤازرة الرئيس الأميركي والوقوف الى جانبه في هذا المجال، ونحن نقوم بذلك، لكن على العرب والإسرائيليين إيداع ودائع لديه، كوديعة (رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل اسحق) رابين، وان تكون هذه الودائع سرية، وتحتوي على الحد الأدنى الذي يقبل به الفرقاء، لأن هذا سيسهل عمل الرئيس الأميركي. هذه الودائع ستكون بمثابة شيكات تصرف لاحقاً، ولا أعني أموالاً بل الحد الأدنى لتوقعات هذه الدول، وهذه الودائع ليست التطبيع أيضاً، لأننا نعلم جميعاً أن التطبيع الحقيقي سيأخذ وقتاً. وعلى سبيل المثال تكون هذه الودائع أجوبة عملية، فمن مستعد للمشاركة في دفع التعويضات للاجئين ولإعادة توطينهم، خصوصاً اننا نعتقد أن فاتورة اللاجئين ستبلغ نحو 70 بليون يورو». وأضاف: «هناك أسماء مطروحة للمشاركة في دفع هذا المبلغ، مثل الاتحاد الأوروبي، وكندا ودول خليجية مثل قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة». ويختصر المسؤول الموقف بقوله ان «الحدود هي خط، واللاجئون فاتورة، والقدس أماكن مقدسة». ويضيف: «اكرر، قد يكون هذا كلاماً متفائلاً ومن دون أدنى أمل، لكننا لا نرى حلولاً أخرى للوصول الى السلام. ومن المؤسف أن الإسرائيليين لا يهتمون ولا يفهمون أنه في غياب السلام، فإنهم سيعيشون في بحار من التزمت والتطرف والإرهاب».