ليس جديداً أن تخرج أطروحات الأدب الإسلامي من العباءة الإخوانية، إذ إن من أوائل النقاد الأدبيين المعنيين بنظرية الأدب الإسلامي سيد قطب، ومن بعده أخاه محمد قطب الذي كتب عن الحداثة، ويأتي في مقدم المسيرة شوقي ضيف الذي ظلت كتاباته النقدية مقررة في الجامعات الإسلامية، وتوارثها «أساطين» الأدب الإسلامي في السعودية مثل حسن الهويمل وغيره. لكن مع بدء انحسار المد الإخواني سياسياً وفكرياً في المجتمعات الخليجية، فإن الأدب الإسلامي بوصفه نظرية إسلامية غير مرتبطة بحزب ما يزال يحتاج إلى ما يؤكد هذه الهوية بعيداً عن الارتباط السيامي بالتوجه الإخواني أو الكوادر الإخوانية على وجه التحديد. على سبيل المثال: في عددها الجديد ال79 تجنح «مجلة الأدب الإسلامي» الفصلية الصادرة عن «رابطة الأدب الإسلامي العالمية» ومن المملكة العربية السعودية، إلى إبراز شخصية أدبية متعصبة للإخوان هي الدكتور جابر قميحة، وبنشر ثلاثة عناوين على الغلاف كلها عن جابر قميحة، أحدها: «تقانات الخطاب الشعري عند جابر قميحة»، وثانيها: «جابر قميحة يرحل مبتسماً»، وثالثها: «الأديب الدكتور جابر قميحة» «ملف العدد». ولمن لا يعرف الشخص المذكور الذي احتفت به «مجلة الأدب الإسلامي» فإنه أحد الشعراء الكلاسيكيين المتعصبين أشد التعصب لتنظيم «الإخوان المسلمين»، والموصوف عند مشاهيرهم بأنه أديب الدعوة والتنظيم المعروف. وهو من أشرس المدافعين عن التنظيم، وصاحب المقالات والتسجيلات الصوتية والمصورة المدافعة والمتعصبة له، فله على سبيل المثال مقالة بعنوان: «الإخوان المسلمون والسهام السوداء»، يصف فيها الحملات على الإخوان بأنها «حملات ساقطة»! وفي ثنايا العدد المذكور نجد في ثنايا الملف الخاص بالدكتور قميحة مهاجمة لنقاد سعوديين في مقابل الدفاع عن كتاب إخوانيين مصريين، وكأن «مجلة الأدب الإسلامي» تصدر من مكتب «المرشد بديع» في مصر، وليس في الرياض، يأتي في «ملف العدد» ما نصه: «من الخطأ أن ينسب إلى الأستاذ محمد قطب أنه أدخل في الأدب الإسلامي أدباً لغير المسلمين، إنه قال: هناك نقاط التقاء، ولكن الأدب الإسلامي لا يصدر إلا من مسلم واضح التصور، وما قدمه لطاغور وسينج يتميز بروح إنسانية متدفقة، ولكن الأستاذ قطب ذكر صراحة أن هذا الأدب وما دار في فلكه لا يلتقي مع الأدب الإسلامي إلا التقاءات جزئية، فهو لا يدخل فيه وإن اقترب كثيراً منه». بعد ذلك ينتقل ملف العدد إلى الرد على الدكتور مرزوق بن تنباك، دفاعاً عن محمد قطب: «ومن عجب أن الدكتور مرزوق يذكر ويكرر ويلح في التكرار على أن محمد قطب قدم إبداع طاغور وسينج كنماذج للأدب الإسلامي». في الموقع الإخواني المعروف «إخوان أون لاين» يصف العنوان الصادر في تأبين جابر قميحة الفقيد الإخواني بهذا الوصف الذي يؤكد انتماءه الحزبي: «جابر قميحة: أستاذ الجيل، ومفكر الدعوة». فيا ترى، هل أصبحت «مجلة الأدب الإسلامي» فرعاً أدبياً لموقع «إخوان أون لاين»؟ أم أنه اتحاد الهوى والتقاء المشارب؟ وهل يصح مع هذا أن نحوّر المقولة «الفرزدقية» فنقول: إن «مجلة الأدب الإسلامي»: قلوبها مع الخليج، وأقلامها مع الإخوان؟!