أكد الكاتب والباحث الاجتماعي الدكتور زيد الفضيل ل «الحياة» أن نمط الحياة تغيّر بتغيّر التحديث الحاصل في المدينة، وقال: «حينما تمردت جدة ومدن الحجاز على هويتها القديمة، لم ينحصر هذا التمرد على الجانب المعماري، وإنما شمل الكثير من الجوانب الاجتماعية التي كانت سائدة في ذلك الزمان». مشيراً إلى أن هذا التمرد كانت إيجابياته قليلة، بينما السلبيات أكبر باعتبار حال التفكك التي تعيشها مجتمعاتنا، وأن هنالك تحولاً كبيراً في القيم الاجتماعية اليوم، وأننا في حاجة إلى دراسات حديثة عن مفهوم الأسرة والمجتمع. وأضاف: «بمرور الزمن سيتأقلم الناس مع هذه السلبيات، وسيضطرون إلى الانتقال إلى المجتمع المدني بكامل هويته، وهو الذي يتحول فيه الناس إلى أسماء من دون هويات قبلية أو عرقية، ليجدوا في مؤسسات المجتمع المدني حاضنة لهم ورابطة تعيد اجتماعهم من جديد». ولفت الفضيل إلى أن النساء قديماً كن يجتمعن كل يوم في أحد البيوت، وكان يطلق عليها اسم «السمرة»، بينما جمعة الرجال كان يطلق عليها «القعدة» وتسمى في جدة «المقاعد»، ونتيجة لتوسع المدن وتباعد الناس وانشغالهم، تكونت بيئات اجتماعية جديدة، بينما كانت في القديم البيئة الاجتماعية هي الأهل والأقرباء، أما اليوم فأصبحت البيئة الاجتماعية خارجة عن نطاق الأهل والأسرة، وخارجة أيضاً عن نطاق المحيط الاجتماعي، كما أن المحيط الاجتماعي توسّع بحيث أصبح يشمل محيط العمل والمحيط الجامعي الذي يعتبر محيطاً متباعداً. وتابع: «في الماضي كان الجلوس في البيوت، واليوم أصبحت السيدات يحرصن على الاجتماع إما في بيوت بعضهن، وهذا قليل، أو يجتمعن في الأماكن العامة والمقاهي». من جهتها، أكدت غدير كردي ل «الحياة» أن مفهوم الزيارات الاجتماعية الرمضانية أصبح ينحصر داخل نطاق عائلي صغير جداً، يتلخص في الاجتماع والإفطار مع أهل الزوج أو أهل الزوجة، ذلك أنه لم يعد كالسابق، إذ كانت العائلات تنظم الدوريات الرمضانية والاجتماعات العائلية الكبيرة. وأضافت: «ربما كان للعادات المكتسبة دخل كبير في اندثار هذه العادات، إذ إن المحطات الفضائية باتت زاخرة بالبرامج والمسلسلات، فتجد أن كل فرد من أفراد العائلة يتابع برنامجاً معيناً ولا يريد تفويت حلقاته، ما يجعل الأسرة تقضي معظم وقتها في المنزل أمام التلفزيون». من جهة أخرى، ذكرت هديل إبراهيم أن الحياة الجديدة التي طرأت على الواقع الاجتماعي الحالي، من سهر وبرامج ومسلسلات تزخر بها القنوات الفضائية، أسهمت بشكل أو بآخر في اندثار الكثير من العادات الرمضانية القديمة، ولم يعد أهل الحي الواحد يتبادلون أطباق الإفطار، أو يجتمعون في البيوت من طريق «الدوريات» التي كانت تقام للم شمل الأهل والجيران وتبادل الأحاديث. مشيرة إلى أن تباعد المسافات، واتساع المدينة، والعولمة، والانفتاح الذي نعيشه، كان لها أثر واضح على الحياة الاجتماعية سواء في رمضان أم غيره. بينما أكدت أميرة الغامدي أنه على رغم تسارع نمط الحياة، وتغيّر بعض العادات القديمة، إلا أن بعض العائلات متمسّكة بالعادات القديمة، مثل الزيارات و«الدوريات» وتبادل الأطباق الرمضانية.