أكد عدد من المختصين والاقتصاديين أن تصحيح أوضاع العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة والعمل في المملكة سيسهم في خلق فرص استثمارية في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويوفر فرص عمل للشباب السعودي، مشيرين إلى أن 40 في المئة من إجمالي التحويلات المالية للعمالة والصادرة عن منطقة الخليج تم تحويلها من السعودية. وطالبوا في حديثهم مع «الحياة» بإيجاد بدائل نظامية للعمالة المخالفة، خصوصاً أن هناك مشاريع كبيرة ومتوسطة وصغيرة تعثرت وتوقف بعضها نتيجة عملية التصحيح. وقال الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين: «العمالة المخالفة أصبحت هماً يؤرق المجتمع والجهات الأمنية على حد سواء، فتنامي أعداد العمالة في المجتمع بات خطراً يهدد تماسكه، ويؤثر سلباً في الجوانب الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، فمع وجود أكثر من ثلاثة ملايين مخالف يصبح الأمر أكثر خطورة، وأشد حاجة إلى التدخل الرسمي لمواجهته». وأضاف: «للأسف اتجهت العمالة غير النظامية إلى ممارسة بعض الأعمال بنظام التستر، أو الأعمال غير النظامية التي أصبحت تشكل خطراً كبيراً على أمن المجتمع، فهناك الكثير من القضايا المسجلة ضد العمالة الأجنبية منها قضايا السرقة والقتل وترويج الخمور والمخدرات والدعارة». وشدد البوعينين على أن العمالة الزائدة والمخالفة لها أثر سلبي في الاقتصاد الوطني نتيجة الأموال الضخمة التي يتم تحويلها إلى الخارج، كما أن لها أثر في الخدمات والدعم الحكومي الذي تستفيد منه، إضافة إلى ما تتحمله قطاعات الاقتصاد من أضرار كبيرة ناتجة من السرقات والتحايل وتقليص حجم فرص العمل بالنسبة للمواطنين، وسيطرة العمالة الوافدة على بعض قطاعات التجزئة، وترويجها للبضائع الفاسدة والمضرة بالصحة والبيئة، ونشاطها الملحوظ في عمليات غسل الأموال، وتمريرها خارج القطاع المصرفي، وغير ذلك من سلبيات. ولفت إلى أن «تصحيح الوضع الخاطئ للعمالة سيسهم في تقليص حجم العمالة في السوق، وسيؤدي إلى تصحيح أوضاع المخالفين بما يجعلهم ضمن المنظومة العمالية النظامية، وسيساعد على خلق فرص استثمارية في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهي فرص لو استثمرها الشباب السعودي لكفتهم عن البحث عن الوظائف محدودة الدخل». وذكر البوعينين أن هناك فائضاً كبيراً في سوق العمل، يقابله شكاوى متكررة من بعض رجال الأعمال من نقص العمالة وعدم مقدرتهم على استقدام ما يرغبون فيه من عمالة، مشيراً إلى أن إحصاءات وزارة العمل تشير إلى تنامي أعداد العمالة المستقدمة، مقترحاً وقف عملية الاستقدام موقتاً، وتلبية طلبات التأشيرات من الداخل من خلال العمالة الفائضة أو المخالفة التي ستقوم بتصحيح أوضاعها، ما سيحقق هدف تصحيح أوضاع العمالة، ويوفر لطالبي التأشيرات عمالة مدربة، ويحد من تدفق العمالة من الخارج. من جهته، شدد رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية فهد الحمادي، على أن قرار تصحيح أوضاع العمالة له شقان إيجابي وسلبي، فالجانب الإيجابي يتركز في النواحي الأمنية ووضع الأمور في نصابها الصحيح، إضافة إلى أن ذلك سيسهم في تنظيم عملية الحوالات المالية التي سجلت ارتفاعات كبيرة خلال الأعوام الماضية، كما سيبقضي على ظاهرة العمالة المخالفة وانتشار العقود الوهمية التي كان لها تأثير كبير في معظم الأنشطة الاقتصادية. وتابع: «أما الجانب السلبي فيتمثل في تجفيف السوق من العمالة، ما يتسبب في تعثر الكثير من المشاريع، خصوصاً أن تلك المشاريع كانت تعتمد على العمالة المخالفة وغير النظامية، إضافة الى توقف عدد كبير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ما ينعكس سلبياً على خروج العديد منها من السوق». واعتبر الحمادي أن «ارتفاع كلفة المعيشة وغلاء أجور الأيدي العاملة كان نتيجة عملية التصحيح، ما يتطلب إيجاد البديل في شكل سريع، وذلك من خلال خطة تنفذها وزارة العمل لتعويض أصحاب المشاريع بعمالة نظامية، عبر إصدار تأشيرات أو إيجاد شركات متخصصة لتوفير العمالة بأسرع وقت ممكن لسد حاجة السوق في ظل ضخامة المشاريع الكبرى في المملكة، وتعثر الكثير من المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وعزا الحمادي وجود العمالة المخالفة وغير النظامية إلى توافر عمل لهم في السوق، وذلك نتيجة الطفرة الكبيرة في حجم الأموال التي تصرف على المشاريع التي تضخ في المملكة سنوياً، مطالباً بسرعة إيجاد بدائل لتك العمالة، وفتح التأشيرات للشركات والمؤسسات النظامية لاستقدام عمالة تفي بحاجتها.