ترى المسيحية شرون فيربن هيزلود مديرة معهد في نيوزيلندا أن رمضان هو وقت يصبح فيه المسلمون أكثر تركيزاً وعمقاً مع الله، فيقبلون على الصلوات بحماسة أكبر، لانقطاعهم عن الطعام والشراب وازدياد العواطف في شهر التضحيات، وفيه يتأملون حياتهم، وعلاقاتهم بالآخرين، ويتذكرون أولئك الذين هم أقل حظاً منهم. وتدرك شرون كونها صاحبة مدرسة للغة الإنكليزية من خلال طلابها السعوديين جميع المناسبات الدينية، فينبئونها متى يبدأ شهر رمضان ومتى ينتهي، وخصصت مكاناً للطلاب للصلاة، ووفرت نسخة من القرآن الكريم. وتعتقد شرون أن الصوم المحدد بأيام جيد للجسم ومفيد للعقل أيضاً، وتنتقد إقبال معظم الناس في العالم الغربي على الأكل الكثير من دون الالتزام بضوابط، وتعي أن الصوم هو أن تعيش يومك من دون طعام ولا شراب، باعتبار أنها عاشت مدة في مصر ودرّست للطلاب في فصل الصيف خلال شهر رمضان ولاحظت أنه من الصعب جداً على الطلاب الإبقاء على تركيزهم، «طالب واحد فقط من الطلاب المسلمين السبعة قادرعلى التركيز على أكمل وجه»، وأنكرت على البقية الذين عذروا أنفسهم خلال هذا الشهر فأصبح حضورهم إلى الصف في شكل متقطع بحجة أنه من الصعب جداً أن تتزامن الدراسة مع الصيام، في حين ترى أن رمضان شهر التضحية، ويفترض ألا يتغير شيء سوى الصوم. وتأخذ على بعض الطلاب سلبية الانتظار حتى يحل المساء فيفرطون في تناول الطعام طوال الليل، ومن ثم يشعرون بالنعاس في اليوم التالي. وتعتز شرون باستضافة عائلتها لرجل سعودي قبل أعوام مدة ستة أشهر قام خلالها بإطلاعهم على العقائد الإسلامية، وهم قابلوه باحترام كبير له ولدينه. وتستدرك أن عائلتها بعد مرور عام استضافت رجلاً سعودياً آخر خلال شهر رمضان فكان مثالاً سيئا،ً فقد كان يشن غارة على الثلاجة طوال الليل، أثناء نومهم ويأكل جميع اللحوم الموجودة ما يجعله يشعر بالكسل خلال النهار. وتضيف: «على رغم كونه حالاً استثنائية، إلا إنه تسبب في إزعاجنا كثيراً لافتقاره إلى النظرة الصحيحة. وهو من الناس الذين يقدمون سمعة سيئة للإسلام والمسلمين». وتظن شرون أن «الصوم الكبير» وهو الشهر الذي يسبق عيد الفصح في المسيحية، هو ما يقابل الصيام عند المسلمين، وأن هناك مجموعة تقوم بالامتناع عن اللحوم، وغيرهم من يقوم بالتقليل منها خلال هذه الفترة، مستدركة أنه ليس جميع المسيحيين يتقيدون في شكل تام، واستدركت أنها ليست على دراية بجميع الممارسات في الكنيسة. وتؤكد أن نيوزلندا تتعامل بقدر كبير من التسامح مع الدين الإسلامي ويمنحون كل ما يلزم من الوقت للطلاب ليصلوا صلواتهم الخمس حين يحضرون في المدرسة، ويتم ترخيصهم للذهاب إلى المسجد في أيام الجمع. وهناك مكان مخصص للعبادة في المدرسة، وأنها شخصياً تتفهم أيام الصيام بالنسبة لطلابها المسلمين. وبصرف النظر عن ذلك الطالب الذي أساء استغلال حسن ضيافة عائلتها فهي تهتم دائماً بالاستماع إلى وجهات نظرهم ودينهم. فقط تتحفظ عن الامتناع عن الماء، باعتقادها أن الصيام عن الطعام كافٍ، لأن شرب الماء يجعل الإنسان قادراً على التركيز، ويُمكن الطالب من تأدية واجباته اليومية في شكل طبيعي، ويعجبها أحياناً أن تصوم ليوم واحد لتنظيف نظام الجسد لكنها دائماً تشرب الماء. وكشفت شرون عن رغبتها الحقيقية في أن تصوم هذا الشهر، ولكن انشغالها الشديد في العمل يمنعها من ذلك، وأيضاً ممارستها لليوغا التي تحتم عليها أن نكون في غرفة ساخنة تصل درجة الحرارة فيها إلى 38 درجة، من شأنه أن يضر بصحتها إن ذهبت إلى هناك من دون ماء. وترى أنه من السهل الصيام في بلد مسلم حيث الجميع يشاركونك في أداء نفس العمل في الوقت نفسه. وتؤكد أن ممارسة الصيام يكون أكثر صعوبة بكثير في بلد علماني، إذ الناس يأكلون ويشربون خلال النهار. وتعتقد أن علينا أن نكون متسامحين مع جميع النظم العقائدية بعضها البعض. ولو أن الجميع اهتم بهذه النظرة فلن تكون هناك حروب، ولا أية معاناة يسببها الإنسان للإنسان.