أكدت موسكو رسمياً للمرة الأولى أنها وقّعت عقدين لتزويد سورية مقاتلات حديثة من طراز «ميغ - 31 - آي»، وقال مسؤول في المجمع الصناعي العسكري ان روسيا بدأت تنفيذ العقد الأول. وتزامن الحديث عن صفقة الطائرات مع إعلان الشروع في تزويد دمشق أنظمة صاروخية دفاعية فائقة التطور، فيما تواصل الجدل حول ملابسات قضية السفينة الروسية «أركتيك سي»، بعد بروز معطيات عن نقلها أسلحة إلى إيران. وبعد مرور أربعة أشهر على جدال في شأن صفقة المقاتلات إلى دمشق، حسمته موسكو في حينه بالتأكيد على عدم توقيع أي اتفاقات لتزويد سورية طائرات مقاتلة روسية، عاد هذا الملف إلى الظهور أمس، بعدما نقلت صحيفة «كوميرسانت» الواسعة الانتشار عن مسؤول رفيع في المجمع الصناعي العسكري الروسي معلومات تفصيلية عن الصفقة التي قال إنها «قيد التنفيذ حالياً». وقال ألكسي فيودوروف، رئيس «الشركة الموحدة لصناعة الطائرات»، التي تدير قطاع صناعة الطائرات بروسيا، في مقابلة مع «كوميرسانت»، إن دمشق وقّعت عام 2007 عقدين تحصل بموجبهما على صفقتي مقاتلات من طرازي «ميغ 29» و «ميغ-31-آي» المتطورة. وبحسب فيودوروف فإن العقد الأول دخل حيز التنفيذ، ما يعني أن موسكو بدأت فعلاً تزويد دمشق المقاتلات، في حين «لم تصبح صفقة مقاتلات «ميغ-31-آي» نافذة المفعول حتى الآن، وتستمر المباحثات بشأنها». وعبّر المشرف على صناعة الطائرات الروسية عن أمله في أن تدخل اتفاقية ابتياع سورية طائرات «ميغ - 31 - آي» حيز التنفيذ «قريباً». وحسب معلومات الصحيفة فإن «أسباباً داخلية تعيق حتى الآن تنفيذ العقد الثاني»، في إشارة إلى قضية فساد يجرى التحقيق بشأنها حالياً، وهي تتعلق بعمليات بيع تحيط بها ملابسات غير قانونية لعدد من المقاتلات أجرتها إدارة مجمع «سوكول» العسكري». وقال المسؤول ان إدراته تأمل في حل هذه القضية سريعاً لتمكين المجمع من تنفيذ العقد مع دمشق الذي تبلغ قيمته بين 400 و 500 مليون دولار تحصل سورية بموجبه على ثماني مقاتلات من «ميغ - 31 - آي». وتشير معطيات إلى أن المصنع بدأ منذ عام 2007 تجهيز الطائرات لنقلها إلى سورية، علماً بأن روسيا أوقفت منذ عام 1994 إنتاج هذا الطراز، ما يعني أن دمشق سوف تتسلم المقاتلات من مستودعات الجيش الروسي. واعتبر خبير روسي تحدثت إليه «الحياة» أن العراقيل «الفنية» أمام إتمام تنفيذ العقد الثاني «يمكن تجاوزها بسهولة وتحتاج فقط الى قرار سياسي». اللافت أن عودة الحديث عن صفقتي المقاتلات إلى الواجهة جاء بعد أيام قليلة على إعلان المجمع الصناعي العسكري الروسي عن بدء تزويد دمشق مظلة صاروخية من طراز «بانتسير» الفائقة التطور، وأشارت مصادر المجمع إلى أن مظلة من الطراز ذاته تم تزويد دولة الإمارات العربية بها أخيراً، واستكمل الخبراء نشرها هناك، في حين تقوم روسيا حالياً «بتنفيذ عقد موقع منذ خمس سنوات لتزويد دمشق مظلة مماثلة». المعروف أن تسارع وتيرة التعاون العسكري بين موسكوودمشق يأتي على رغم الاعتراضات الإسرائيلية المتكررة، وكان هذا الملف مطروحا للبحث أخيراً، خلال زيارة قام بها الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز إلى موسكو. ويبدو أن العنصر الإسرائيلي دخل أيضاً على خط آخر، بعدما سربت وسائل إعلام إسرائيلية أخيراً، أن قراصنة إسرائيليين أو متعاونين مع تل أبيب كانوا وراء حادث إختفاء السفينة الروسية «أركتيك سي» قبل أسابيع. ومعلوم أن هذه القضية أثارت ضجة كبرى، وأسفرت عن تدخل الأسطول الروسي الذي سيطر على السفينة واعتقل «القراصنة» ونقلهم إلى موسكو. وما زالت روسيا تصر على روايتها بأن السفينة كانت تنقل حمولة أخشاب بقيمة مليوني دولار إلى الجزائر عندما تعرضت لهجوم من جانب قراصنة ما دفع الجيش الروسي إلى التحرك وتحريرها. لكن المعطيات الإسرائيلية تحدثت عن صفقة أسلحة كانت في طريقها إلى إيران أو سورية. ولا يستبعد البعض أن يكون كشف حقيقة الحمولة ووجهتها من جانب الأجهزة الخاصة الإسرائيلية سبب التدخل الحاسم للجيش الروسي وعمليته التي هدفت كما يقول خبراء إلى السيطرة على السفينة وإعادتها إلى موسكو قبل افتضاح طبيعة حمولتها وهوية «الزبون» التي كانت في طريقها إليه. المثير أن صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية نقلت قبل أيام عن ضابط كبير في البحرية الروسية قوله إن السفينة كانت تنقل صواريخ متطورة مضادة للطائرات أو صواريخ بحرية لإيران، وان وراء الشحن تقف «مافيا السلاح» في روسيا بالتعاون مع موظفين روس كبار.