أعلنت إسرائيل أمس أنها ستفرج قريباً عن أسرى فلسطينيين إثر الاتفاق الذي انتزعه وزير الخارجية الأميركي جون كيري والذي يمهد لإحياء مفاوضات السلام المتوقفة منذ ثلاثة أعوام، وإن أعلن وزير العلاقات الدولية الإسرائيلي يوفال شتاينيتز أن إسرائيل لن تقدم أي تنازل في شأن «قضايا ديبلوماسية»، في إشارة إلى حدود عام 1967، وهو المطلب الرئيس للسلطة الفلسطينية، مضيفاً أن أي اتفاق لم يتم بلوغه في شأن تجميد الاستيطان. ولم يدل كيري بأية تفاصيل عن مضمون الاتفاق الذي أعلنه الجمعة في عمان و «الذي يحدد قاعدة لاستئناف المفاوضات»، تاركاً الأمر لمشاورات ستجرى الأسبوع المقبل في واشنطن مع كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ووزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني. والتزم القادة الفلسطينيون «إجراء مفاوضات جدية» لتسعة أشهر على الأقل يمتنعون خلالها عن أي انضمام إلى منظمات دولية، بما فيها الهيئات القضائية التي تستطيع ملاحقة إسرائيل، وفق ما أكد شتاينيتز. وقال: «سيكون هناك إفراج عن عدد محدود من المعتقلين» الفلسطينيين، من دون أن يوضح هذا العدد، مضيفاً أن بعض هؤلاء الأسرى أمضى مدداً تصل إلى ثلاثين عاماً في السجون الإسرائيلية. لكن مسؤولاً إسرائيلياً أوضح أن «عملية الإفراج قد تحصل بعد بدء المفاوضات في نهاية مرحلة تتيح للفلسطينيين أن يثبتوا أنهم جديون فعلياً». وأضاف: «هذا الأمر لن يحصل غداً ولا الأسبوع المقبل»، مشيراً إلى أن الحديث عن عدد لا يزال «مبكراً جداً». وفور إعلان وزير الخارجية الأميركي استئناف المفاوضات، اعتبرت ليفني أن «أربعة أعوام من المراوحة الديبلوماسية أوشكت أن تنتهي». كما رحبت رئيس حزب «العمل» المعارض شيلي ياشيموفيتش بما اعتبرته «فرصة مهمة»، ملمحة مجدداً إلى استعدادها للانضمام إلى حكومة بنيامين نتانياهو في حال انسحاب حلفائه في اليمين المتطرف منها، خصوصاً أنهم يرفضون قيام دولة فلسطينية. وأبدى مراقبون إسرائيليون شكوكهم في إمكان أن تسفر المفاوضات عن شيء ملموس، وقال المعلق السياسي في الإذاعة الإسرائيلية: «لقد أخرج كيري من الفرن طبقاً نصف مطهو. لقد أقنع الإسرائيليين والفلسطينيين بأنه ناضج، والجانبان وافقا على تناوله». وذكر معلق آخر في الإذاعة الإسرائيلية أن اسحق مولخو الموفد الشخصي لنتانياهو، كان على اتصال دائم بعريقات، مضيفاً: «الآن، تنضم ليفني (إلى المفاوضات) من دون عقد أي لقاء على مستوى القادة». ورحب المراسل الديبلوماسي لصحيفة «هآرتس» بالنجاح الذي حققه كيري في ما أسماه «حرب استنزاف» مع نتانياهو وعباس، إلا أنه اعتبر أنه «إذا كان نجح في تحريك جبال لاستئناف المفاوضات، فإن المرحلة الأصعب بدأت الآن». وأردف أن «انعدام الثقة بين الطرفين لا يزال كبيراً، والهوة بين نتانياهو وعباس لا تزال عميقة جداً». إلى ذلك، قالت الصحيفة إن «نتانياهو وافق على سلسلة من المبادرات إزاء الفلسطينيين خلال الأشهر القليلة المقبلة، وبينها إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين»، كما سيعمد إلى إبطاء حركة بناء المستوطنات في الضفة الغربيةالمحتلة طيلة فترة المفاوضات. وتابعت: «تبقى نقطة استفهام كبيرة عن نيات نتانياهو: إذا كان ما يهمه ينحصر فقط بإطلاق عملية سلام، فسينعم بأشهر قليلة من الهدوء قبل أن تنكشف خدعته. أما إذا كان يريد فعلاً التوصل إلى اتفاق سلام، فعليه للمرة الأولى أن يقدم مواقف واضحة ويشرح أين تنتهي حدود إسرائيل وأين تبدأ حدود فلسطين». ترحيب دولي وفي إطار ردود الفعل، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإعلان كيري، ودعا القادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التحلي ب «الشجاعة والمسؤولية» في مفاوضات السلام، فيما عبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون عن «ترحيبها الحار»، مشيدة ب «شجاعة» الطرفين وعمل وزير الخارجية الأميركي. وأعربت في بيان عن «أملها في أن نتمكن أخيراً من تسجيل تقدم على صعيد الأهداف التي يتشاركانها مع أصدقائهما في العالم: السلام، الأمن والكرامة لشعبيهما». وزادت أن الاتحاد الأوروبي يود «في شكل خاص التوجه بالشكر لجون كيري على تصميمه لجمع الطرفين مجدداً». وأشاد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ب «حس المسؤولية» لديهم، داعياً إياهم إلى «إجراء مفاوضات فعلية». وفي عمان، رحب وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق باسم الحكومة محمد المومني بالاتفاق، وأمل في أن يكون «بداية لعملية تفاوض جادة من شأنها أن تتقدم بنا خطوات نحو قضايا الحل النهائي وإحقاق حل الدولتين»، مؤكداً أن «للأردن مصلحة عليا بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وحصول الفلسطينيين على مطالبهم الوطنية المشروعة».