تفقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس مخيم الزعتري الذي يؤوي أكثر من 150 ألف لاجئ سوري في شمال الأردن للاطلاع عن قرب على مأساتهم. وفي البداية حلقت طائرة مروحية أقلت كيري من العاصمة الأردنية فوق المخيم (85 كلم شمال شرقي عمان) في جولة شاهد خلالها آلاف الخيام والبيوت النقالة في الصحراء على بعد حوالى 20 كيلومتراً من الحدود السورية. وقال كيري إن زيارته المخيم أطلعته عن قرب على «حجم المعاناة الإنسانية»، معتبراً أن حواره مع عدد من اللاجئين والمسؤولين في المخيم «لا يمكن نسيانه». والتقى الوزير الأميركي ستة لاجئين داخل المخيم هم رجلان وأربع نساء، لمدة 40 دقيقة. وعبر هؤلاء عن غضبهم لعدم تجاوب المجتمع الدولي مع أزمتهم مطالبين كيري بفرض منطقة حظر جوي ومناطق آمنة في سورية. وتساءلت لاجئة لم تكشف اسمها «أين المجتمع الدولي؟ ماذا تنتظرون؟ نأمل بألا تعود إلى بلادك قبل أن تجد حلاً لأزمتنا». وأضافت «على الأقل افرضوا حظراً جوياً». وأجاب كيري أن «الكثير من الخيارات قيد البحث. كنت أتمنى لو أن الأمر بهذه البساطة. نحن نقوم بشيء جديد». وأردف «هناك بحث لفرض مناطق آمنة وخيارات أخرى لكن الأمر ليس بسيطاً». فردت المرأة ذاتها «أنتم تحترمون إسرائيل، ألا تفعلون المثل لأطفال سورية؟». ودعا اللاجئون المجتمع الدولي كذلك إلى وقف إمدادات الأسلحة الإيرانية وتدفق مقاتلي «حزب الله» اللبناني إلى سورية، على حد قولهم. وقدم مسؤولو المخيم إيجازاً لكيري حول أوضاع المخيم الذي أقيم قبل حوالى عام. ويفر آلاف السوريين هرباً من العنف في بلدهم عبر الحدود السورية - الأردنية كل ليلة فينتهي المطاف بكثير منهم في هذا المخيم المزدحم. وقال المفوض الأعلى للاجئين أنطونيو غوتيريس الثلثاء إن حوالى ستة آلاف شخص يفرون يومياً من سورية وأن الأممالمتحدة أحصت حتى الآن حوالى 1.8 مليون لاجئ سوري إلى الدول المجاورة. وقال غوتيريس «لم نر تدفقاً للاجئين يصل إلى هذا المستوى المخيف منذ حرب الإبادة في رواندا قبل حوالى عشرين عاماً». وبهذه الزيارة يصبح كيري أرفع مسؤول في الإدارة الأميركية زار المخيم الذي يعد الآن خامس أكبر تجمع سكاني في الأردن. وتقول عمان إنها استقبلت أكثر من 550 ألف لاجئ سوري منذ بدء الأزمة في الجارة الشمالية في آذار (مارس) 2011. وتسبب تدفق هذا العدد الكبير من اللاجئين إلى المملكة إلى استنزاف الموارد الشحيحة مثل المياه والطاقة، وإلى مشكلات اجتماعية. وقال كيري الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة «نشكركم على احتضانكم هذا العدد الكبير من اللاجئين ونعلم أن ذلك صعب جداً وأنه يشكل تحدياً». وتابع أن «السخاء الذي أظهرتموه يعد مثالاً ليقتدي به العالم. ونتفهم أنه يفرض عبئاً على مجتمعكم ويؤثر في العمل والعمال والأجور، وفي السكن، في كل شيء ...». وأضاف «كل شيء تأثر ولذلك نحن ملتزمون بمحاولة المساعدة وتأمين احتياجاتكم وسنحاول أن نرقى إلى مستوى هذا الالتزام». وشكر جودة الولاياتالمتحدة لدعمها المملكة، لكنه أكد أن الأردن «يحتاج مزيداً من الدعم من أجل تقديم الخدمات المطلوبة للاجئين، خصوصاً في القطاعات الحساسة التي تأثرت مع هذا التدفق للاجئين». والولاياتالمتحدة هي أكبر دولة مانحة للمساعدات للاجئين، وقد تبرعت بأكثر من 815 مليون دولار من المساعدات الإنسانية لمنظمات الأممالمتحدة الساعية للتخفيف من المعاناة الإنسانية.