أكد الروائي صالح العديلي أن روايته "عيال الحدريين": لم تكن إلا تسجيلاً ذهنياً لتلك الحقبة الجميلة التي انتقلنا، خلالها، من بيتنا البسيط الجميل الهادي إلى بدايات صخب وضجيج الحياة المعاصرة، التي نعيش تداعياتها بكل أشكالها وصورها وأحداثها المؤلمة، التي سلبت من أبطالها الكثير من القيم ومن مقومات الحياة الوادعة التي يعيشها ابن الحدريين على جانبي واديه الجميل الأديرع". وأضاف العديلي قائلا ل"الحياة": «هي أيضاً حشد لمجموعة كبيرة من الأحداث المتوالية التي لونت حياة الحدريين وغيرت الصورة النمطية التي يعرفون بها على مدى العقود السبعة التي أسلمتها الرواية الشفوية للعقل الباطن للإنسان البسيط في ذلك المكان من العالم، هي أيضاً شعور جمعي يقربنا إلى الطريقة التي يتم بها التعامل مع ظروف الحياة المتغيرة التي أجبر عليها جيلا الثمانينات والتسعينات الهجرية، التي غالباً ما تكون متقاربة وبسيطة ومصحوبة يدخلان من جرعات حزن متتابعة ترسم خطوطاً متعرجة في البيئة المحلية وفي البيئات المماثلة". والرواية التي صدرت عن نادي حائل الأدبي الثقافي، وتقع في أكثر من 250 صفحة، لم تشتمل على فصول، بل صيغت بشكل سردي، وأشبعها العديلي بكم من العبارات العامية، وهذا لا يعيبها بل يخدمها ولا ينقص من جماليتها. ومن يقرأ روايات العديلي يجد أن الروائي يؤرخ للمكان (حائل) لغوياً، ويسجل المفردات واللهجات محاولاً إحياءها. والمحافظة عليه من أثر تطور المكان، واندثار اللغة (اللهجة) من سطوة تغير المكان من ريف إلى مدينة تنسف مظاهر الريف وتخلق مدينة إسمنتية. هنا يظهر المكان بقوة جديدة حينما يتغير يغير كل شيء معه. وقال نائب رئيس «أدبي حائل» رشيد الصقري: «يهتم الروائي صالح العديلي بعنصر المكان، وتقوم رواياته على المكان، فهو عنصر أساسي تتكئ عليه في رواياته، ويعطي المكان أبعاداً دلالية من حيت الزمن (التاريخ) والأبعاد النفسية والاجتماعية واللغة وللمكان سلطة على الشخصيات في تأثيره في أبطال الرواية وفلسفتهم في الحياة، وحكمهم على الآخرين، والصراع الدائم مع هذا العنصر. كما يرصد تأثير المكان في الشخصيات حينما تنتقل من مكان ضيق إلى مكان أرحب، ومتعدد الثقافات، فحينما تنتقل الشخصيات للمنطقة الشرقية وتعود يبدأ صراع آخر مع المكان الأول. كما يظهر تعلق الإنسان بمكان مولده، والحنين الذي يؤرق الشخصيات، وتكيفها مع مكانها الجديد. كما أن المكان لا يستطيع محو ثقافة وإرث المكان السابق، ويبدأ الصراع بين المكانين، وهو ما تتأرجح معه الشخصيات ما بين شد وجذب، فمنهم من يستطيع التكيف، ومنهم من يغلبه أحد المكانيين فينصهر معه. الكاتب خالد العبيد يرى أن الرواية بشكل عام فن دخيل على الأدب العربي ولا أرى أن هناك بوادر إقبال على الرواية ما لم تكن تصطدم بالتيار وتكون مثيرة في توجهها مثل رواية «بنات الرياض» الذي اعتبرها رواية سطحية لفظاً ومعنىً وحبكة ولكن ما جعلها تشتهر. هو الجرأة في الطرح فقط من الروائية. إما من ناحية الرواية الحائلية فيحق لنا أن نفخر بأن عراب القصة القصيرة في السعودية موجود في حائل، وكلنا نعرف المبدع جارالله الحميد، والقصة لا تختلف عن عناصر الرواية إلا في الطول والسرد. وأضاف العبيد: «والتراث الحائلي زاخر بالعادات والتقاليد والكلمات والآلات التي لا تتوافر في تراث آخر إذا هو مستنقع خصب لمن أراد الإبداع، والإقبال على الرواية المطبوعة ضعيف جداً مثلها مثل الكتاب المقروء». براك البلوي قال: «عيال الحدريين هي تصوير مظاهر سلوكية اجتماعية لحقبة مضت، ورصد ثقافي لما توالى من متغيرات في منطقة حائل. تلك المشاهد دائماً ما يصفها الروائي العديلي على لسان بطل الرواية «عمي سالم» تضمنت سطوراً نقدية رائعة ومتناقضات يعيشها المجتمع صيغت بشكل ساخر».