ثمة تحريض هائل على الإسلام والمسلمين في الغرب، وعصابات الشر الليكودية في الميديا الأميركية انتقلت من مهاجمة إرهابيين مسلمين أو متشدّدين الى مهاجمة الإسلام نفسه، مع أنه أفضل ألف مرة من اليهودية، ونصا التوراة والقرآن الكريم موجودان للمقارنة. الآن بت أخشى أن يقدّم المتشددون في مصر والثوار في سورية ذخيرة لأعداء الإسلام، يستعملونها ضده. أكتب عجالة صحافية لا دراسة أكاديمية، ولا أستطيع سوى أن اختصر فأستعمل نماذج عما يُنشَر في الغرب، بعضها من صحافة مستقلة، وبعضها من ميديا ليكودية. جريدة «الميل أون صنداي» من أوسع الصحف انتشاراً في بريطانيا والعالم، ويوم الأحد الماضي وجدت فيها تحقيقاً شغل صفحة كاملة عنوانه: متشددون إسلاميون يقتلون كهنتنا ويحرقون كنائسنا ويخطفون بناتنا. وفوق العنوان بحرف أصغر: تحقيق مريع من القاهرة أرسلته مراسلتنا (انجيلا جونسون) يكشف كيف أن الربيع العربي في مصر تحول الى كابوس من الكره الديني. قبل ذلك بأيام نشرت «الاندبندنت» خبراً عنوانه: المسيحيون في مصر مستهدفون بالعنف الطائفي. وتحت العنوان بخط أصغر: الأخوان يتهمون الأقباط بالإنقلاب، والنتائج قاتلة. الخبران في ميديا غربية راقية يتحدثان عن حوادث قتل كهنة أو حرق كنائس، من العريش الى الأقصر مروراً بالقاهرة وغيرها، وهناك تهم للمتشددين بممارسة تطهير عرقي، وأخبار عن هجرة 200 الف مسيحي مصري منذ 2011 الى اوروبا والولايات المتحدة وكندا. الميديا الليكودية أسوأ فهي تتجاوز المتشددين الى الإسلام نفسه، وقرأت في موقع لها عرضاً لكتاب عنوانه «صلبوا من جديد» خلاصته أن المسيحيين يُضطَهدون في بلاد المسلمين. وقرأت خبراً آخر عنوانه: أوباما للمسيحيين المصريين، لا تحتجوا ضد الإخوان. هذا العنوان يستحق شرحاً فهو يقول إن الرئيس اوباما يؤيد الإخوان ليثور الأميركيون عليه، ويقول أيضاً إن المسيحيين ضد الإخوان ليثور أنصار الإخوان في مصر عليهم. في مثل الأوضاع التي نجمت عن الربيع العربي المزعوم، الحملة على المسلمين أوسع من أن تقتصر على الإخوان المسلمين في مصر. وهكذا قرأت خبراً عنوانه: المسيحيون في سورية، فصل الحقيقة السوداء عن الدعاية الاسلامية، ومقالاً طويلاً في «ناشونال ريفيو» الليكودية عنوانه: حرب الظل ضد المسيحيين السوريين. هذا الخبر كتبته نينا شيا التي أدلت بشهادة امام الكونغرس عن الموضوع. وباختصار، فالتهم تكاد تكون متماثلة لا مجرد متشابهة، مع التهم عن مصر، فهناك أخبار كثيرة عن قتل كهنة أو مسيحيين سوريين آخرين، او تهجيرهم، و «تهديد وجودي» للمسيحيين في سورية، كما في مصر. أسوأ ما في الأخبار السابقة، وأجدها نوعاً من الدعاية ضد الإسلام والمسلمين، أن بعضها صحيح، وأن بعضها الآخر أساسه صحيح، ثم هناك مبالغة في الوصف. في سوء ما سبق أن 99 في المئة من المسلمين حول العالم أبرياء من الإرهاب، فعندما يكون المسلمون 1.5 بليون والإرهابيون الفاً أو الفين تهبط النسبة حتى عن الواحد في المئة. مع ذلك تحاول الميديا الموالية لإسرائيل، أي للاحتلال والقتل والتدمير، أن تنقل تهمة الإرهاب من إسرائيل إلى المسلمين. الإرهابيون أعداء المسلمين قبل أي اعداء آخرين، من «القاعدة» التي تسبب إرهابها في عذر لقتل مليون عربي ومسلم في العراق، الى «جبهة النصرة» التي يزعم اعداء الثورة السورية أنها الثورة في حين أنها قلة مستوردة وأعضاءها في غالبيتهم العظمى ليسوا سوريين. قصرت كلامي حتى الآن على معلومات صحيحة عندي الوثائق التي توكأت عليها في نشرها، وأكمل برأيين مختصرين، الأول أن الإخوان المسلمين فشلوا خلال سنتهم في حكم مصر وسقوطهم مبرر، والثاني أن الإخوان المسلمين يتمتعون بشعبية كبيرة ولهم انصار كثيرون، وأي إصلاح سياسي لما أفسدت سنة محمد مرسي في الحكم يجب أن يكون الإخوان المسلمون جزءاً منه، وبما يمثل حجمهم في البلاد، فالديموقراطية لا تستحق اسمها إذا لم تكن جامعة بدل استثنائية (بمعنى أن تستثني فريقاً من المواطنين). أنصح قيادات الإخوان المسلمين بأن تدين علناً أي عنف يستهدف الأقباط، وأن تقود حملة ضد المتشددين، حتى لا يصبح الأقباط قضية في الغرب المسيحي ضد حق الجماعة في المشاركة السياسية بتهمة الإرهاب التي يجب أن تقتصر على الإرهابيين وهم معروفون. وأقول للمسلمين جميعاً أن لكم أسوة في العهدة النبوية لنصارى نجران والعهدة العمرية للمسيحيين في القدس. لا أحد أكثر إسلاماً من رسول الله والصحابي خليفته. [email protected]