الأخبار قُبيل نهاية عام وبعد بدء عام جديد هي هي. لا جديد تحت الشمس العربية، والأخبار سيئة وتتكرر حتى أعتقد أنني قرأتها من قبل. أتحدى أي قارئ أن ينجح في وضع تاريخ على الأخبار العربية المهمة في آخر ثلاثة أيام من 2010 وأول ثلاثة أيام من 2011، وهو لو اخترت له موضوعاً وقدمت له أخباراً عنه عمرها شهر أو أكثر، لربما اعتقد أنها تعود الى أمس، أو الأسبوع الماضي على أبعد تقدير. ما الجديد في العراق؟ بعد تسعة أشهر على الانتخابات ووزارة غير مكتملة اقرأ مرة أخرى في جريدتنا هذه وفي «الشرق الأوسط» عن الوزارات الأمنية والمرشحين لها، فيما تستمر أعمال العنف، بما في ذلك اغتيال مدير العمليات في الشرطة. لا يُقتَل هذه الأيام سوى مسلمين، وعادة بأيدي إرهابيين من الجماعات الإسلامية المتطرفة، وعندما يجد هؤلاء فرصة يقتلون مسيحيين، وبعد قتل 59 مسيحياً في مجزرة كنيسة في بغداد السنة الماضية، افتتحت هذه السنة بمجزرة كنيسة في الإسكندرية و21 قتيلاً، وبين المجزرتين قُتِل مسيحيون بالمفرّق بعد الجملة، وخرج الإرهابيون على الإسلام بقتل ناس عاهدهم نبي الله والخليفة عمر بن الخطاب، وعلى الإنسانية باستهداف الأبرياء. قبل كارثة الإسكندرية بيومين كانت «الأهرام» تنشر مقالاً عنوانه الإسلاموفوبيا ظاهرة تحرق أصابع الجميع. وفي العدد نفسه كانت «الأهرام» تنشر مقالاً للدكتور الأنبا يوحنا قلته عن تغيير طبيعة العنف حتى لم يبقَ له شرح إلا نزعة الشر. وقبل الكارثة بأربع وعشرين ساعة نشرت «الأهرام» عن علماء الأزهر أن مشاركة الأقباط الاحتفال بعيدهم واجب ديني (إسلامي). بت أعتقد أن القاعدة أول حليف لإسرائيل وأهم حليف، فجرائمها وإرهابها وتصريحاتها تثبت مزاعم إسرائيل عن العرب والمسلمين وتزويرها ودجلها. كل ما على إسرائيل أن تقول (واستعمل لغة يفهمها الإرهابي): شوفو شو يعمل المسلمون بالمسلمين لتعرفوا ماذا سيعملوا فينا إذا أتتهم فرصة. هل أحكي للقارئ عن «التطورات» اللبنانية؟ لا تطور طبعاً، فالحديث مستمر عن الأزمة السياسية والقرار الظني للمحكمة الدولية التي تنظر في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والاغتيالات السياسية الأخرى، وجماعتا 14 آذار و8 آذار تتبادلان التهم، وكلاهما ينتظر أن تحل له سورية والسعودية مشاكله، فيعترف بأنه قاصر ولم يبلغ سن الرشد السياسي. ويفترض أن يكون لبنان والكويت من البلدان نصف الديموقراطية في الوطن العربي، إلا أنهما دعاية ضد الديموقراطية، وما يعجز عنه البرلمان اللبناني يحققه برلمان الكويت الذي ينتقل من أزمة الى أخرى ومواجهة مستمرة مع الحكومة فأقرأ أن الكويت أمام خيار حل البرلمان والمعارضة تُصعِّد. وأقول إن المعارضة الكويتية تقدم مصالح أعضائها على مصلحة الوطن. الأخبار الفلسطينية هي نفسها أيضاً، وليس بين عامين، بل بين عقدين وستة عقود وعشرة، وربما مئة لو عشنا عمر لبد، نسر لقمان. وما زلنا نقرأ عن مفاوضات السلام وتعثرها، والمستوطنات، وعن جرائم إسرائيل، وقتل فلسطيني أو أكثر في غارات إسرائيلية على مواقع مدنية يوماً بعد يوم. وقد افتتحت السنة الفلسطينية باستشهاد جواهر أبو رحمة في بلعين، بعد أن ضُرِب متظاهرون بقنابل غاز إسرائيلية يبدو أنها تحتوي على سموم. وكان أخوها باسم استشهد قبلها، وأرجو ألا أسمع غداً عن شهيد آخر من هذه العائلة المناضلة. هل يريد القارئ أخباراً عربية أخرى سمعها قبل أسبوع أو شهر أو سنة؟ جنوب السودان سيصوّت على الانفصال هذا الأسبوع، والرئيس عمر البشير حمّل القوى السياسية وزر الانفصال، ما أفهم منهم أنه يبرئ نفسه من سوء التعامل مع الجنوب على مدى السنوات الست الماضية، ومن فرض الشريعة على ناس من دون دين أو مسيحيين، ومن عصابات القتل وكل مصيبة أخرى. عمر البشير ليس مسؤولاً عن شيء من كل هذا رغم أنه الرئيس. وأعود الى «الأهرام» ففي 29/12 نشرت مقالاً عن جلد النساء السودانيات، جلد 43 ألف امرأة في سنة بتهمة «الخلاعة»، أي ارتداء البنطلون أو استعمال أحمر الشفاه، هذه «خلاعة»؟ السودانيات لهن سمعة طيبة ومن أشرف النساء، أما رجال الحكم والبطانة الفاسدة فهم الذين يستحقون الجلد. قلت للزميل عبدالله اسكندر وأنا أدخل مبنى «الحياة» صباح أمس، إن السنة الجديدة تبدو مثل السنة الراحلة، وقال: يا ليت. وشعوري مثل شعوره، فلو كانت الأمة زوجة لطلقتها، إلا أن الإنسان لا يستطيع أن يطلق أهله، أمّه وأباه، فلا يبقى إلا انتظار الآتي وهو أعظم. وقد قرأت تعليقات بعد إرهاب الإسكندرية تتهم «المخربين الصهاينة» بارتكاب الحادث، وهم لم يفعلوا لأن بيننا من يرتكب الجرائم نيابة عنهم. واشفق على الذين اتهموا إسرائيل (وكان هناك من اتهم إيران) لأنهم لا يريدون أن يصدقوا أن مثل هؤلاء الإرهابيين خرجوا من بيننا، غير أن هذا ما حدث، والإنكار سيزيد المعاناة ويؤخر الحل أو يمنعه. [email protected]