أجرى مساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين مصريين أمس، في زيارة بدا طابعها استكشافياً للأوضاع في مصر بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي إثر احتجاجات شعبية واسعة نهاية الشهر الماضي، فيما واصل رئيس الحكومة المكلف حازم الببلاوي مشاوراته أمس لتشكيل الحكومة تمهيداً لأدائها اليمين غداً. واجتمع بيرنز بالببلاوي قبل أن يلتقي وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي ثم الرئيس الموقت عدلي منصور في حضور مستشاره للشؤون السياسية مصطفى حجازي. لكن شخصيات سياسية قاطعت زيارة المسؤول الأميركي، كما ألغت الرئاسة مؤتمراً صحافياً كان مقرراً عقب لقاء بيرنز ومنصور. وقال بيان مقتضب لوزارة الدفاع إن لقاء السيسي مع بيرنز تناول «مناقشة تطورات الأوضاع على الساحة المصرية وتبادل وجهات النظر في شأن المستجدات في المشهد السياسي المصري وعدد من المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك وسبل تدعيم أوجه التعاون في ضوء العلاقات المتميزة التي تربط الدولتين». وقال بيرنز في تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» إنه طالب الجيش بتجنب الاعتقالات ذات الدوافع السياسية. وأضاف أن الولاياتالمتحدة لن تحاول فرض نموذجها على مصر ولن تدعم أطرافاً او شخصيات بعينها. وأشار إلى أنه لا يعتقد ان مصر تواجه خطر تكرار مأساة سورية حيث قتل اكثر من 100 الف شخص في حرب اهلية دخلت عامها الثالث. وأعلنت السفارة الأميركية أن برنامج زيارة بيرنز تضمن لقاء مع مجموعات من رجال الأعمال مساء أمس وآخر مع مجموعة من الناشطين السياسيين قبل أن يغادر القاهرة صباح اليوم. لكن غالبية القوى السياسية الفاعلة أعلنت اعتذارها عن عدم حضور اللقاء. وقال الناطق باسم حزب «النور» السلفي نادر بكار إن الحزب اعتذر عن عدم لقاء نائب وزير الخارجية الأميركي، كما قال الناطق باسم حركة «تمرد» محمود بدر إنه أيضاً رفض دعوة من السفارة للقاء بيرنز. وأكد ل «الحياة» القيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» عمرو حمزاوي اعتذاره بصفته الشخصية عن عدم حضور اللقاء «احتجاجاً على السياسة الأميركية تجاه مصر». أما نائب رئيس حزب «المؤتمر» وزير الخارجية السابق محمد العرابي فاعتبر أن زيارة بيرنز «استكشافية ولا ينتظر منها تغييراً عميقاً في النظرة الأميركية تجاه ما حدث في مصر». وقال ل «الحياة»: «قد يحمل بعض التطمينات للإدارة عندما يستمع من المسؤولين المصريين إلى خريطة المستقبل وتعهداتهم بالإسراع في إجراء انتخابات ديموقراطية، إضافة إلى قدرة الحكم الجديد على استيعاب الموقف وإبطال مفعول أي عنف قد يحدث، لكن يجب ألا نتوقع أن يعلنوا مباركة الثورة، هم حتى الآن غير مستوعبين كيفية إزاحة رئيس منتخب». وتأتي زيارة بيرنز تزامناً مع استمرار الببلاوي في مشاوراته مع المرشحين لشغل الحقائب الوزارية. وأعلن رئيس الوزراء المكلف في تصريحات مقتضبة أمس أنه سيستكمل المشاورات لتشكيل الحكومة اليوم، على إن تؤدي الحكومة اليمين الدستورية إما مساء اليوم أو غداً. وكان الببلاوي اجتمع بوزير التخطيط السابق أشرف العربي لإعادة تكليفه بالحقيبة نفسها قبل أن يدلي العربي بتصريحات أعقبت الاجتماع توقع فيها إرجاء جولة جديدة من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي «نظراً إلى الاستحقاقات السياسية والاجتماعية للمرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر». وقال إن «الوقت لا يسمح بإجراء جولة جديدة من المفاوضات أو توقيع اتفاق مع الصندوق، لما يقترن بذلك من تنفيذ إجراءات وسياسات لا تصلح للمرحلة الحالية». وأشار إلى أن «الدعم الذي قدمته دول خليجية خلال الأيام الأخيرة لمصر يغنيها لحين الانتهاء من المرحة الانتقالية». وكانت السعودية والإمارات والكويت أعلنت الأسبوع الماضي تقديم حزمة مساعدات لمصر بقيمة 12 بليون دولار. وتوقع العربي زيادة الاحتياط من النقد الأجنبي خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً أن المجموعة الاقتصادية ستضع خطة عمل سريعة لوضع خريطة طريق اقتصادية تهدف إلى تقديم حزمة من الخدمات لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين خلال المرحلة الانتقالية. والتقى الببلاوي أيمن فريد أبو حديد المرشح لوزارة الزراعة وهو شغل المنصب نفسه في حكومتي أحمد شفيق وعصام شرف في العام 2011، واللواء عادل لبيب لحقيبة الإدارة المحلية، واللواء محمد أبو شادي لوزارة التموين والتجارة الداخلية، وأستاذ الطرق والمرور أسامة عقيل لحقيبة النقل، ورئيس مركز بحوث المياه محمد عبدالمطلب لوزارة الري، ورأفت النبراوي لوزارة الآثار، ولاعب الكرة السابق طاهر أبو زيد لحقيبة الرياضة، فيما أبقى الببلاوي على أحمد إمام وزيراً للكهرباء والطاقة، وعاطف حلمي وزيراً للاتصالات، والفريق رضا حافظ وزير دولة للإنتاج الحربي، ووائل المعداوي لحقيبة الطيران المدني. وقال القيادي في «جبهة الإنقاذ» عمرو موسى إن «مرحلة انتقالية جديدة بدأت الآن ومن شأنها لو أحسنت إدارتها أن تصل بالبلاد نحو مرحلة استقرار وانطلاق». وأضاف أن «المهم هو عبور المرحلة الحالية وبسرعة وبصرف النظر عن أي تفاصيل، وأن يعلم الجميع أن عقارب الساعة يجب ألا تعود إلى الوراء». ودعا المواطنين إلى «العودة إلى أعمالهم في المصانع وفي الحقول وفي المكاتب... حان وقت العمل ومصر تحتاج إلينا». وأعرب عن تمنيه النجاح للحكومة الموقتة، ودعا إلى الوقوف وراء القوات المسلحة في حملتها لضبط الأمور في سيناء. في غضون ذلك، نفى الناطق باسم القوات المسلحة العقيد أحمد محمد علي ما صرح به القيادي في جماعة «الإخوان» عصام العريان عن وجود محاولات من جانب الجيش للتواصل مع أنصار الرئيس السابق للوصول إلى صيغة وسط للتفاهم معهم. وقال الناطق العسكري في بيان: «لا توجد أي اتصالات من أي نوع بين القوات المسلحة مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والعقيدة الراسخة للجيش المصري لا تنتهج أسلوب العمل في الظلام، وفي حال إجراء أي اتصالات من هذا النوع سيتم الإعلان عنه مسبقاً». وأكد «التزام المؤسسة العسكرية ببنود خريطة المستقبل التي ارتضاها الشعب المصري لنفسه وأنها لن تفرط في مكتسبات ثورة 30 يونيو المجيدة مهما كلفها ذلك من تضحيات». واعتبر أن هذه التصريحات «تأتي في إطار حملة الأكاذيب والإشاعات التي تشن ضد القوات المسلحة لتحقيق أهداف سياسية مشبوهة تستهدف حشد أنصار تيار سياسي معين لرفع الروح المعنوية للمعتصمين أو للوقيعة بين الجيش والشعب بناء على مغالطات وإسقاطات سياسية». وطالب المصريين ب «الحيطة والحذر وإحكام العقل والمنطق عند تلقي أية معلومات أو تصريحات تتناول المؤسسة العسكرية خصوصاً في ظل الحملات الدعائية والنفسية الموجهة ضد الجيش المصري خلال الفترة الحالية والتي يحمل بعضها شبهات التحريض والتشويه لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة».