نشرت صحيفة «العرب» الدولية قبل بضعة أيام خبراً يتضمن توتراً في العلاقات ما بين الرياضوواشنطن، وأزمة تلوح في الأفق قد تعصف بعلاقات البلدين التي استمرت لأكثر من ستة عقود، مرجحة السبب لرفض واشنطن طلب الرياض الذي يتضمن صوراً عبر الأقمار الاصطناعية لتحركات الجيش النظامي السوري، وصواريخ مضادة للطائرات للمعارضة السورية. العلاقات السعودية - الأميركية ليست علاقة قائمة على الوقت، وليست مبنية على دعم الجماعات والأحزاب، وتنفيذ أجندات خاصة في دول المنطقة، ولم ينتج عنها إلحاق الأضرار بدول الجوار حتى تكون العلاقة في إطار حساس يكون كل ما من شأنه أن يعصف بها، فالعلاقة بين البلدين وثيقة تتسم بالتحالف الدائم وتعتمد على المصالح المشتركة، فقد تعاون البلدان على قدر عالٍ من تقارب وجهات النظر في كثير من قضايا المنطقة، أضف إلى ذلك أن تعاون البلدين في قضايا المنطقة لم تكن الغلبة فيه لطرف من دون الآخر، فالتعاون ما بين البلدين يتسم بقدر عالٍ من المشاركة والتشاور. عند الوصول إلى الأزمة السورية نجد أنها تحظى باهتمام عالٍ من الحكومة السعودية منذ الوهلة الأولى، إذ تشترك الإدارة الأميركية معها في ضرورة إسقاط النظام السوري، ويشترك الجميع أيضاً في ضرورة التوصل إلى حل سياسي يحمي الأراضي السورية والمنطقة، لكن تختلف السعودية بعض الشيء، إذ إنها تدعم توازن القوة بين الأطراف المتنازعة من خلال الدعوة إلى تسليح المعارضة السورية، إذ تبدي واشنطن الخيار ذاته لكن ليس بالقدر ذاته مع تردد وتخوف بعض الشيء، خصوصاً في ظل تدفق الجماعات الجهادية إلى الأراضي السورية. من الخطأ أن ننظر إلى أن الأزمة السورية قد تعصف بعلاقات البلدين، إذ ليست هذه المرة الأولى التي تقف الرياض في وجة الإدارة الأميركية وتعلن عن غضبها، فقد سبق أن فعلت ذلك إبان الثورة المصرية رافضة عدم تنحي الرئيس حسني مبارك، وأخذت على عاتقها في السياق ذاته تعويض مصر المعونة الأميركية التي تعتبر ذات حساسية شديدة بالنسبة لواشنطن، أضف إلى ذلك أن أحداث 11 من أيلول (سبتمبر) التي كان لها بالغ الأثر في تغيير السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط إلا أن ذلك لم يطل علاقات البلدين بأي أثر، خصوصاً أن من بين منفذي هذه الهجمات الإرهابية غالبية سعودية، ما يعني أن علاقة الرياضبواشنطن تتسم بالقوة التي لا تتاثر بمجريات الأحداث. الغضب الذي أبدته الرياض من المساعي الأميركية الهادفة إلى حل الأزمة السورية التي ترى أنه لا يرقى إلى المستوى المطلوب يأتي في سياق طبيعي لما لها من دور إقليمي وقيادي في العالمين العربي والإسلامي، ولاعب أساسي في مسرح الأحداث، أضف إلى ذلك أن هذا الغضب تحول من غضب قد يعصف بعلاقات البلدين، كما يرى المراقبون، إلى غضب حرك المياه الراكدة بشأن مشروع تسليح المعارضة السورية، ولعل توقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما مشروعاً يقضي بتسليح المعارضة السورية خير دليل على ذلك، إذ إن هذه الخطوة تعد أيضاً تقدماً في المساعي السعودية الهادفة إلى حل الأزمة السورية بعد تسلم الملف السوري من قطر، الذي كان في السابق وعلى مدى عامين يراوح مكانه ردحاً، علاوة على ذلك أن هذه الخطوة تأتي كمبادرة أميركية للحفاظ على العلاقة مع السعودية، ولكي تعمل على إغلاق الباب أمام أي أزمة قد تتطور مع تطور الوضع على الأراضي السورية، وتلقي بظلالها على العلاقات السعودية - الأميركية. خالد بن فيحان الزعتر [email protected]