بدا أمس أن المشاورات لتشكيل الحكومة المصرية الجديدة قد شارفت على الانتهاء مع كشف اسماء معظم الوزراء الذين ستتشكّل منهم أول حكومة بعد عزل الرئيس محمد مرسي وإنهاء حكم جماعة «الإخوان المسلمين» والمتوقع أن تقسم اليمين يوم الأربعاء. وجاء ذلك في وقت سلّط الإعلان عن فتح النيابة المصرية تحقيقاً في شأن اتهامات بالتخابر وقتل المتظاهرين موجهة إلى مرسي وعدد من قيادات «الإخوان» على رأسهم المرشد العام محمد بديع، الضوء على العلاقة الشائكة بين «الإخوان» والحكم الجديد في مصر، لاسيما وأن تلك الاتهامات إن صحت فإنها تعني أن الرئيس المعزول وكبار قادة الجماعة يواجهون، في حال الادانة، عقوبات تراوح بين السجن المشدد والإعدام. وقال الناطق باسم النيابة المصرية المستشار عادل السعيد إنها ستباشر تحقيقات موسعة في بلاغات تشمل إضافة إلى الرئيس المعزول، المرشد الحالي محمد بديع والمرشد السابق محمد مهدي عاكف وعصام العريان نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة» ومحمد البلتاجي عضو مجلس الشعب السابق وصفوت حجازي ومحمود غزلان وعصام سلطان وآخرين. وأوضح أن البلاغات تتهم هؤلاء بارتكاب جرائم التخابر مع جهات أجنبية بقصد الإضرار بالمصلحة القومية للبلاد، وجرائم قتل المتظاهرين السلميين والشروع في القتل والتحريض عليه، وإحراز الأسلحة والمتفجرات، والاعتداء على الثكنات العسكرية والمساس بسلامة البلاد وأراضيها ووحدتها، وإلحاق أضرار جسيمة بمركز البلاد الاقتصادي وذلك باستعمال القوة والإرهاب. ولم يظهر الرئيس المعزول منذ إعلان الجيش تنحيته في بدايات الشهر الجاري، لكن يتردد أنه موضوع في إقامة جبرية في مقر الحرس الجمهوري في القاهرة. أما بقية قادة «الإخوان» فإن منهم من تم توقيفه ووضح في السجن على ذمة اتهامات مختلفة موجهة إليهم، في حين أن المرشد بديع وعدداً آخر من قادة الجماعة وحزبها «الحرية والعدالة» يتعصمون بين آلاف من أنصارهم في مسجد رابعة العدوية في حي مدينة نصر. وتزامن فتح التحقيق ضد مرسي وقادة «الإخوان» مع إكمال رئيس الوزراء المكلف الدكتور حازم الببلاوي مشاوراته مع المرشحين المحتملين لتولي حقائب وزارية في حكومته والتي من المتوقع خروجها إلى النور خلال أيام (الأربعاء على الأرجح). وعقد الببلاوي أمس اجتماعات متواصلة مع نائبه للشؤون الاقتصادية الدكتور زياد بهاء الدين، ونائب الرئيس الموقت للعلاقات الدولية الدكتور محمد البرادعي، إضافة إلى مستشار الرئيس للشؤون السياسية الدكتور مصطفى حجازي، لاستعراض آخر التطورات المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة. وأعلن الببلاوي أنه سيبدأ اليوم وغداً استقبال الشخصيات المرشحة لتولي مناصب وزارية في حكومته، معرباً عن أمله بأن يتم الانتهاء من التشكيلة الوزارية الثلثاء أو الأربعاء. وتوقع أن تضم الحكومة الجديدة نحو 30 وزيراً ونائبين لرئيس الوزراء أحدهما للشؤون الاقتصادية، والثاني لشؤون الأمن، موضحاً أنه سيعود إلى الوزارة الجديدة وزارة التضامن الاجتماعي، كما سيتم الإبقاء على عدد من الوزراء في الحكومة السابقة، لكنه أشار إلى أن من الوارد أن يعتذر شخص أو آخر عن قبول الترشيحات الوزارية. وأكد الابقاء على وزارة الإعلام في الحكومة الجديدة. وذكرت وكالة «رويترز» أن هاني قدري الذي أشرف على المحادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على حزمة مساعدات لمصر العام الماضي، سيُطلب منه أن يشغل حقيبة وزير المال في حكومة الببلاوي، بحسب ما كشف مصدران حكوميان. واضافت الوكالة أن حقيبة الخارجية ستذهب إلى سفير مصر السابق لدى الولاياتالمتحدة نبيل فهمي. ولم يعلن الوزيران المحتملان بعد موقفهما من دخول الحكومة. لكن الوكالة أشارت إلى أن وزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين سيُعرض عليه منصب نائب رئيس الوزراء المكلف شؤون الأمن في حين سيُعرض على وزير التخطيط السابق أشرف العربي العودة إلى المنصب الذي كان يشغله في أيار (مايو) الماضي. ميدانياً، شلت تظاهرات أنصار الرئيس المعزول وحواجز الجيش مساء أول من أمس القاهرة، وعزلت أحياء عدة فيها، بعدما خرج آلاف من الإسلاميين في مسيرات من ميدان «رابعة العدوية» في حي مدينة نصر. ويستعد الإسلاميون من أنصار مرسي لجولة جديدة من التظاهر غداً الإثنين، في حين يتعزم مؤيدو عزله لتظاهرات اليوم في ميدان «التحرير» وأمام قصر الاتحادية ل «الحفاظ على مكتسبات الثورة». وألقت مروحيات عسكرية بياناً من القوات المسلحة على المتظاهرين في رابعة العدوية مساء أول من أمس، أكدت فيه أنهم جزء من الشعب المصري، متعهدة عدم توقيف أي منهم إذا تظاهر سلمياً. لكن جماعة «الإخوان» ردت قائلة إن منشور الجيش «يتهرب من جوهر القضية ويدعو المعتصمين للإنفضاض مع وعد بعدم الملاحقة. والمعتصمون لم يقترفوا جرماً يخشون ملاحقتهم من أجله، ونحن نؤكد لهم أن جوهر القضية هو اغتصاب السلطة بانقلاب عسكري وإلغاء الشرعية الدستورية بتجميد الدستور».