في كثير من جوانبه، يبدو مصطلح الذكاء الاصطناعي غامضاً، خصوصاً لجهة تحديد تعريفاته وهوياته، وهي أمور يدور حولها نقاش واسع بين خبراء المعلوماتية. هناك غموض كبير في مفهوم الذكاء بحدّ ذاته، إذ يصعب تحديده، على رغم كثرة النظريات عنه. وفي هذا السياق، يجري الحديث عن الذكاء للإشارة إلى القدرة على فهم المعطيات المُجرّدة (أي المفاهيم Concepts) وربطها بعضها ببعض، بما يتناسب مع حال معينة. وبالتالي، هناك اتجاهات تُبسّط مفهوم الذكاء إلى وعي العلاقات الجماعية التي يمكن أن يجري التكيّف معها ومع بيئتها ومساراتها وعلاقاتها. ما زالت محاولات محاكاة ذكاء الإنسان في مراحلها الأوليّة، وهي تعتمد خوارزميات غاية في التعقيد، على رغم الخيالات الشائعة في أفلام السينما. وما زالت العقدة الأساسيّة متمحورة حول مسألة فهم العقل وارتباطه بعملية التفكير (ثم تحويل هذه الأمور إلى رموز في لغة الكومبيوتر)، على رغم التقدّم الكبير في فهم الدماغ وطُرُق عمله. هناك برامج معلوماتية ذكيّة، على غرار تلك المستعملة في «الدردشة» المؤتمتة، أي تلك التي تسعى إلى تقليد محادثة الإنسان. ويُذكّر هذا الأمر بالجهود الضخمة التي بذلها عالِم الذكاء الاصطناعي البريطاني ألان تورينغ، الذي وضع اختباراً للتمييز بين أحاديث البشر والآلات. ومازال اختباره يشكّل تحدّياً أساسياً في الذكاء الاصطناعي. ويعطي «اختبار تورينغ» مثالاً عن الصعوبة في بحوث المعلوماتية التي تسعى لفهم المنطق البشري، وآليات الوعي المنطقيّة المعقدة عند الإنسان. ثمة أشكال من الذكاء الاصطناعي مستخدمة في برامج المعلوماتية التي تُشغّل محرّكات البحث على الإنترنت، على غرار الخوارزميات Algorithms المعتمدة في محرّك البحث «غوغل». وتذكيراً، تزوّد الروبوتات الموجودة حاضراً ببرامج معلوماتية تساعد على إنجاز عمليات مُحدّدة، بمعنى اختصاص كل برنامج معلوماتي بعمل مفرد، لا أكثر! استطراداً، ما زال الحلم الذي يغذي بحوث الذكاء الاصطناعي متمثّلاً في صنع نظُم معلوماتية تستطيع إنجاز سلوك ذكي ومتكامل بصورة مستقلة، ما يُدخل الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة التحكم الذاتي المؤتمت، مع ضرورة أن يتضمّن هذا السلوك العواطف والمشاعر أيضاً. ربما بدا هذا الحلم بعيداً، لكن هناك مجموعة كبيرة من علماء المعلوماتية تُمنّي النفس بالوصول إلى هذه المرحلة في زمن قريب.