يجتمع «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» السورية لاستكمال قضية توسعة الائتلاف وانتخاب هيئاته الرئاسية وبحث مصير الحكومة ورئيسها والموقف من مؤتمر «جنيف - 2». ويأتي هذا الاجتماع بعيد استحقاق 31 أيار (مايو) الماضي، الذي تم على أثره توسيع الائتلاف بضم 22 عضواً من القائمة الديموقراطية المعروفة بقائمة ميشال كيلو، و14 عضواً يمثلون الحراك الثوري في الداخل، و15 عضواً يختارهم المجلس العسكري الأعلى ل «الجيش الحر». لم تأتِ هذه التوسعة نتاجاً طبيعياً لتطور الائتلاف من ذاته وبذاته، بسبب غياب الوعي السياسي - الديموقراطي اللازم للأعضاء المكونين له، ذلك الغياب الذي أفقدهم استشعار أهمية اللحظة التاريخية الفارقة واستغلالها في إنشاء تجربة ديموقراطية مؤسساتية يمكن أن تشكل اللبنة الأولى للسوريين في مسار البناء الديموقراطي الطويل، بدلاً من الانزلاق إلى حضيض السياسة وممارستها. ولو استطاع «الائتلاف» وقبله «المجلس الوطني» أن يتحول إلى مؤسسة ديموقراطية منتجة، لأمكنه أن يتحول إلى ند حقيقي للنظام في المحافل الدولية، ولأمكنه أيضاً أن يستوعب الفوضى العسكرية على الأرض ضمن قوالب منظمة تعمل تحت إمرته، ليتكامل بذلك المستويان السياسي والعسكري معاً. في كل الأحوال، أمام «الائتلاف» استحقاق ثانٍ لا يقل أهمية عن الأول، وهو الانتقال من مرحلة العمل الريعي إلى مرحلة العمل المؤسساتي، عبر انتخابات حقيقية لهيئاته تعكس التنوع الجديد، تحت عنوان تداول السلطة وليس الهيمنة على السلطة لتحقيق منافع سياسية وشخصية كما كانت الحال خلال فترة «الائتلاف» وقبله «المجلس الوطني». المطلوب إعادة بناء «الائتلاف» عبر تقسيم حقيقي للعمل على أسس مهنية، تكون الكفاءة والقدرة وحدهما المعيار في الاختيار، بحيث يكون ممثلاً فعلياً لكل المكونات المشاركة فيه، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثالثة وهي بناء خطة استراتيجية واضحة المعالم للتغيير في سورية انطلاقاً من معايير سياسية واقعية تعتبر السياسة فن الممكن، لا انطلاقاً من معايير أيديولوجية تنفر أكثر مما تجمع. إن النقد الذي يوجه ل «الائتلاف» هو نقد بناء من أجل دفعه للارتقاء إلى مستوى الأزمة بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كونه الجهة الأوسع والأقوى في صفوف المعارضة السورية، والأقدر على اجتراح حلول لمشكلات ظلت مستمرة في جسد المعارضة منذ بدء الاحتجاجات وحتى الآن، وليس صدفة أن يطلق عدد من أعضاء «الائتلاف» على الاجتماع اسم اجتماع الفرصة الأخيرة، وسط أنباء عن سعي الإدارة الأميركية إلى تكوين هيئة بديلة عن «الائتلاف» إذا ما استمرت الاختلافات بين مكوناته وأعضائه، مع تسريبات أن يتم اعتماد اللواء سليم إدريس رئيس هيئة أركان «الجيش السوري الحر»، رئيساً لأي هيئة جديدة تجمع المستويين السياسي والعسكري، وفي حال تم ذلك سيحدث كسر عمودي في صفوف المعارضة السورية سينعكس سلباً على وجودها وعلى مسار الأزمة السورية عموماً، وهو ما يتحمل مسؤوليته «المجلس الوطني» باعتباره المكون الرئيس ل «الائتلاف» الذي فشل حتى الآن في قراءة المراحل التي بلغتها الأزمة السورية. * إعلامي وكاتب سوري