يتناول المسلسل الجديد «حدث في دمشق» للمخرج باسل الخطيب والمأخوذ عن رواية قحطان مهنا «وداد من حلب» في سيناريو لعدنان عودة ومن إنتاج مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي، فترتين زمنيتين متباعدتين، الأولى في العام 1947 تتناول المناخ الاجتماعي والسياسي بمدينة دمشق والتحولات الجذرية التي طرأت عليه نتيجة الأحداث الدائرة في فلسطين، أما المرحلة الثانية، فهي في العام 2001، حيث يلاحق العمل مصير بعض شخوصه وتطوراته نتيجة معايشتها الكثير من الظروف التي شهدتها دمشق. وخلال هاتين الفترتين، يصوّر العمل الأحداث عامةً من خلال مجموعة من الشخصيات الرئيسية، أبرزها وداد ( سلاف فواخرجي) وفؤاد (مصطفى الخاني) وربيعة (ديمة قندلفت) ورأفت (وائل رمضان) وزينب (ميسون أبو أسعد)، حيث نتابع الأحداث المتلاحقة التي تمر في العام 1947، وهي الفترة التي تكون فيها هذه الشخصيات في أوج شبابها، قبل أن ينتقل للعام 2001 لمتابعة مستقبل هذه الشخصيات وما عاشته من ظروف قاسية. قالت النجمة سلاف فواخرجي عن مشاركتها في هذا العمل ل «الحياة»: «وداد هي امرأة دمشقية يهودية ترفض هجرة اليهود إلى فلسطين وإعلان دولة إسرائيل، وتتمسك بهويتها السورية. وهي لاحقاً ترفض السفر إلى فلسطين، مستنكرةً أن تعيش في بيت ليس بيتها وعلى أرض ليست أرضها». وعن تحول العمل من البيئة الحلبية إلى البيئة الشامية، وسبب الاستعجال في إنجازه وعدم الانتظار لتصويره في بيئته الأساسية، تقول: «تقديم العمل في هذا الوقت لفتة ذكية، إذ من المهم جداً أن نقدم أعمالاً مشابهة في الوقت الحالي، بصرف النظر عن بيئتها، فالقصة والطرح والهدف لا تختلف في حلب أو أي مدينة أخرى. وفي النهاية العمل يقدم في دمشق، والشام هي قلب كل سورية، ويمكن من خلالها أن نقدم أي فكرة لأي مكان في سورية». إغراءات من جهة أخرى، يجسد مصطفى الخاني شخصية فؤاد اليهودي، الذي يعيش في دمشق وهو على صلة بالوكالة اليهودية، ويعمل على تهجير اليهود من سورية إلى فلسطينالمحتلة بشتى الوسائل، فيغري البعض بالمال وبمكاسب تنتظرهم في حال هجرتهم، وهو حين يفشل في استمالة يهوديّ ما للهجرة، يعتمد معه أسلوب الترهيب، حيث يعمد ومجموعة من الشباب ممن يعملون معه على مضايقة كل يهودي يرفض الهجرة، بل يسرقون أملاكه أو يحرقونها. ويقول الخاني عن شخصيته: « يصطدم «فؤاد» بزوجته «وداد» التي يطغى انتماؤها إلى بلدها سورية على أي من مطامع زوجها وانتماءاته، فترفض كل ما يفعله زوجها ويخالف ما تؤمن به بوصفها يهودية دمشقية تعتز بالهوية السورية، الأمر الذي يضعها في مواجهة مستمرة مع زوجها الصهيوني، الذي لا يتوانى عن فعل أي شيء في سبيل الوصول إلى هدفه بإقامة دولة تجمع يهود العالم... وبالتالي دخول دائرة صراع معه تفتح آفاقاً درامية للحكاية. أما النجمة ديمة قندلفت، فتقول ل «الحياة» عن مشاركتها: «أجسد شخصية ربيعة، التي تأتي من حلب بعد أن عاشت حياة صعبة في بيئتها المغلقة، حيث تتعرض للضرب من شقيقها الذي يستغل رحيل والديها ليمارس سطوته عليها، وتبدأ قصتها منذ قدومها دمشق، عندما تلتقي برأفت الذي يجسده وائل رمضان، ومن هنا تبدأ حياة جديدة». وعلى رغم أن تغيرات كثيرة طاولت هذا العمل، بداية من البيئة، مروراً بالمخرج، وانتهاءً بالنص، توضح قندلفت أن الظرف اقتضى ذلك، و «في النهاية فإن الحدث الذي يناقشه العمل مهم جداً ولا يتوقف على مكان أو بيئة معينة». مخرجون وممثلون وتجسّد ميسون أبو أسعد في العمل شخصيّة زينب ابنة أبي محمود، وهي فتاة كانت في عام 1947 في العشرين من عمرها، تحبّ العلم والثقافة وتتابع الفنّ والمسرحيّات دائماً، تُعجب بوالد صديقتها وتتزوّجه على الرغم من فارق السنّ بينهما. ويجمع العمل ثلاثة مخرجين انتقلوا من وراء المونيتور إلى أمام الكاميرا، حيث يؤدي المخرج سمير حسين شخصية الدكتور علي، والمخرج رشاد كوكش شخصية الحاج عبد القادر، فيما يؤدي المخرج وائل رمضان شخصية رأفت، وهي إحدى الشخصيات الرئيسية في العمل. وعن هذه المشاركة قال رمضان لأحد المواقع السورية: «رأفت يشبهني كثيراً في العديد من الجوانب وليس بكامل الشخصية، فضمن الشخصية هناك جانب إنساني واضح. ولكن أكثر ما يشبهني فيه هو حبه لفلسطين وتعلقه بمقولات ما زلنا حتى اليوم نرددها ضمناً، وتعلقنا بأمل أن تكون القدس في يوم من الأيام أحد أماكن الحج التي نقصدها، والمدينة التي نستطيع زيارتها متى أردنا من دون أن يسألنا أحد «إلى أين؟»... هذا التصور برأيي مزروع في وطنية ووجدان كل سوري ردد كلمة فلسطين أكثر مما ردد كلمة ماما أو بابا». وفي النهاية، قال باسل الخطيب مخرج العمل لجريدة «الحياة»: «حدث في دمشق يقدم قراءة مختلفة للمجتمع الدمشقي، ولصورة البيت الدمشقي والعلاقات الموجودة بين أهل الشام». وعن الإصرار على هذا العمل رغم التغيرات الكثيرة التي طاولته يتابع الخطيب: «الكثير من الأعمال يمر بظروف مشابهة، فتتبدل مواقع التصوير، أو يتبدل المخرج، وهذا ليس حكراً على سورية أو الأوضاع التي تمر بها، فهو أمر موجود في كل أنحاء العالم».