لم ينتظر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو انتهاء زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة، فسارع إلى طمأنة اليمين الإسرائيلي بأنه في حال التوصل إلى أي اتفاق مع الفلسطينيين سيطرحه على استفتاء شعبي بعد أن يصادق عليه الكنيست، فيما سربت أوساطه أنه ما زال يرفض اشتراط الفلسطينيين وقف النشاط الاستيطاني لاستئناف المفاوضات، في وقت كشفت صحيفة «معاريف» أن وزارة البناء والإسكان تعمل على إحياء خطة استيطانية تم إقرارها قبل ثلاث سنوات لبناء نحو ألف وحدة سكنية جديدة في «جبل أبو غنيم» في القدسالمحتلة، وجمدت لمعارضة الولاياتالمتحدة لها بشدة. وقال نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس إن إسرائيل مستعدة لاستئناف المفاوضات «بلا تأخير ومن دون شروط مسبقة»، وأضاف أن إسرائيل لا تضع عقبات في طريق استئناف المفاوضات بهدف التوصل الى تسوية سلمية مع الفلسطينيين «لكن هناك مسائل سنؤكدها بقوة في المفاوضات ذاتها وفي مقدمها الأمن، لأننا لن نتهاون في الأمن ولن يكون أي اتفاق يعرض إسرائيل للخطر». وتابع: «اعتقد أنه يجب عرض أي اتفاق نتوصل إليه على الشعب لحسم الموضوع». وأشار مراقبون إلى حقيقة أنها المرة الثانية التي يتحدث فيها نتانياهو عن إخضاع أي اتفاق سلام لاستفتاء شعبي، وهو ما يعارضه شركاء له في الحكومة وأحزاب المعارضة التي ترى أن الحكومة والكنيست المنتخبين هما صاحبا الحق الأول والأخير في التوقيع على أي اتفاق، فيما يطالب به أقطاب المعسكر المتشدد في حزبه «ليكود» وأقطاب المستوطنين الذين يعارضون إقامة دولة فلسطينية. وفي حديث إلى الإذاعة ذاتها أبدى النائب من «ليكود» تساحي هنغبي القريب من نتانياهو تفاؤلاً لجهة احتمال استئناف المفاوضات، وقال إنه يستبعد أن لا ينجح كيري في إيجاد «المعادلة المنقِذة» التي تجسر الهوة في مواقف الجانبين، مضيفاً أن الجهد ينصب لاستئناف المفاوضات من دون الحاجة للخوض في المسائل الجوهرية أي الاستيطان والقدس وعودة اللاجئين، إنما لإيجاد آلية تتيح لكل من الجانبين بدء المفاوضات من دون أن يتنازل عن «خطوطه الحمر». ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن مسؤولين إسرائيليين رفضهم المطلب الفلسطيني بالإفراج عن مئة أسير ك «لفتة طيبة» من إسرائيل تجاه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، «خصوصاً أن قائمة الأسرى التي قدمها الفلسطينيون تشمل أسرى قتلوا إسرائيليين في الماضي». واعتبر مسؤول إسرائيلي إصرار الفلسطينيين على الإفراج عن أسرى قتَلة أنه يعكس رغبة فلسطينية في عدم استئناف المفاوضات. إلا أن الإذاعة العامة كشفت أن قادة نافذين في المؤسسة الأمنية أوصوا المستوى السياسي بالإفراج عن «أسرى ما قبل أوسلو» لقناعتهم بأنهم «لن يتجهوا إلى الإرهاب، وغالبيتهم متقدمون في السن». في غضون ذلك، كشفت صحيفة «معاريف» أن البلدية الإسرائيلية للقدس قد تقر اليوم اقتراح وزارة البناء والإسكان بناء 930 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «هار حوماه» (جبل أبو غنيم) في القدسالشرقيةالمحتلة التي أقامها نتانياهو أواخر تسعينات القرن الماضي. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المشروع «إشكالي للغاية» سبق أن أغاظ الولاياتالمتحدة لأن من شأن تنفيذه أن يوفر تواصلاً جغرافياً بين المستوطنات اليهودية في القدسالمحتلة في مقابل قطع التواصل الجغرافي بين بلدة صور باهر في القدس والجزء الشمالي من بيت لحم، ويحول دون أن تكون (صور باهر) جزءاً من الدولة الفلسطينية العتيدة. وبينما رفض مكتب نتانياهو التعليق على الخبر ادعت وزارة الإسكان أن الحديث هو عن مشروع بناء تم إقراره قبل سنوات، والآن تم إعلان أسماء الشركات الفائزة بعطاءات البناء. وقال عضو البلدية عن «ليكود» اليشع بيلغ إن التصديق على الاتفاق بين البلدية ووزارة البناء والإسكان يؤكد أن «التجميد الموقت للبناء خلف الخط الأخضر (في الأراضي المحتلة عام 1967) انتهى، كما أنه رسالة الى الولاياتالمتحدة وأوروبا تقول إن إسرائيل ترفض التدخل في شؤونها الداخلية». إلى ذلك، كشف موقع «ولاّ» الإخباري على شبكة الإنترنت أن الحكومة الإسرائيلية بصدد إضفاء الشرعية على بؤرة استيطانية أخرى في الضفة الغربية أقيمت من دون إذن. وأضاف أن الحديث هو عن بؤرة «عموناه» التي سبق للمحكمة العليا أن أمرت بهدمها لأنها مقامة على أراض فلسطينية خاصة، لكن التنفيذ أرجئ مرات بحجج مختلفة فأعطت المحكمة مهلة أخيرة حتى منتصف الشهر الحالي. وتابع الموقع أنه قد يتم هدم بعض المباني في مقابل شرعنة الأخرى بداعي أن في حوزة المستوطنين مستندات تثبت أنهم امتلكوا الأراضي من أصحابها بطرق قانونية.