اختتم وزير الخارجية الأميركي جون كيري مهمة ديبلوماسية مكوكية امس من دون التوصل الى اتفاق على استئناف محادثات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية لكنه قال إنه حقق «تقدماً حقيقياً» في تضييق الخلافات وإنه سيعود إلى المنطقة قريباً. وأقر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بحصول «بعض التقدم في بعض الامور»، الا انه شدد على الحاجة الى المزيد من العمل. وأوضح كيري في مؤتمر صحافي في مطار تل أبيب قبل مغادرة المنطقة متوجهاً الى بروناي «أقول لكم إن تقدماً حقيقياً أحرز خلال هذه الجولة. وأعتقد أنه مع بذل المزيد من الجهد فإن بدء مفاوضات الوضع النهائي يمكن أن يصبح في متناول اليد. بدأنا بخلافات كبيرة للغاية ونجحنا في تضييقها بدرجة ملموسة». وكان كيري قال للصحافيين في ختام لقاء بينه وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مكتب الأخير في رام الله: «أجرينا محادثات مهمة وايجابية، ونحن متفقون على اننا انجزنا تقدماً حقيقياً، لكن هناك بعض القضايا التي ما زالت بحاجة الى المزيد من العمل». وأضاف: «كلانا لديه شعور جيد حول اتجاه (المحادثات)». من جهته، صرح عريقات للصحافيين عقب مغادرة الوزير الاميركي انه «تحقق بعض التقدم في بعض الامور، لكن هناك أموراً لا بد من البحث فيها، وسأستمر في العمل مع بعض أعضاء فريق كيري الذين سيبقون هنا». وأضاف: «المحادثات تجري في اجواء ايجابية ومعمقة». وقالت مصادر ل «الحياة» ان كيري يحاول اقناع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بإطلاق سراح جميع الاسرى الفلسطينيين منذ ما قبل اتفاق اوسلو، وعددهم 103 اسرى، كثمن لعودة عباس الى المفاوضات لفترة محددة لا تتجاوز ستة شهور». وقالت هذه المصادر ان نتانياهو طلب أن يجري التفاوض بينه وبين عباس على اطلاق سراحهم، رافضاً اطلاقهم قبل التفاوض. لكن عباس مصمم على مطلبه. ويحظى الاسرى بتعاطف واسع في الشارع الفلسطيني. ويشكل اطلاق سراح المعتقلين منهم منذ ما قبل اوسلو والذين امضوا بين 20 و 32 عاماً في الأسر، نصراً كبيراً للرئيس عباس في حال تحقق، ما يمكنه من العودة الى المفاوضات لفترة من الوقت. وأجرى كيري وفريقه محادثات مكوكية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي حول رزمة من القضايا بهدف اعادة اطلاق المفاوضات، وهي: وقف الاستيطان والاعتراف بحدود العام 1967، والسماح باقامة مشاريع اقتصادية فلسطينية في المنطقة (ج)، وإطلاق سراح اسرى ما قبل اوسلو. وذكرت المصادر ان كيري حقق تقدماً في قضيتي الاسرى والمشاريع الاقتصادية، لكنه لم يحقق تقدماً حقيقياً في مسألتي وقف الاستيطان وحدود العام 1967. وأعلن في اسرائيل أمس أن «لجنة التخطيط والبناء المحلي» في القدس ستقر اليوم بناء 930 وحدة استيطانية في مستوطنة «هار حوما» المقامة على اراضي جبل أبو غنيم جنوبالقدس. وقال عريقات إن اسرائيل تضع 930 عقبة امام وزير الخارجية الاميركي، في اشارة الى عدد البيوت التي سيجري اقرار بنائها. وأضاف: «اسرائيل هدمت اخيراً 42 بيتاً فلسطينياً، وطرحت عشرات العطاءات لبناء وحدات استيطانية، وكل هذه عقبات تعوق المفاوضات». ويرى المراقبون ان مهمة كيري ستستغرق الكثير من الوقت بسبب الصعوبات التي يواجهها مع الحكومة الاسرائيلية الرافضة لوقف الاستيطان والتي تحاول الحصول على مكاسب سياسية في مقابل اطلاق سراح عدد من الاسرى، والسماح للسلطة بإقامة مشاريع في المنطقة (ج) الواقعة تحت الادارة الامنية والمدنية الاسرائيلية. ويحرص الوزير الاميركي على اعادة اطلاق محادثات السلام قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة التي رفعت مرتبة الفلسطينيين الى دولة غير عضو بصفة مراقب. وتعقد الدورة الجديدة للجمعية العامة في ايلول (سبتمبر).