يمثل قطاع المقاولات في السعودية 7.5 من الناتج المحلي، وقدّر رئيس لجنة المقاولين في الغرفة التجارية في الرياض فهد الحمادي في حديث مع «الحياة» حجم الاستثمارات، لهذا العام، بأكثر من 200 بليون ريال في مختلف المشاريع، واشار الى ان عدد الشركات المسجلة في قطاع المقاولات يتجاوز 206 آلاف سجل تجاري. لكنه لم يقل ان عدد الشركات التي تستحوذ على المشاريع الكبيرة لا يزيد عن شركتين «سعودي اوجيه» و «بن لادن»، ولا احد سواهما. اما بقية الشركات، فهي اما سجلات على الورق بعد افلاسها، او مؤسسات صغيرة تعاني من العقبات، فضلاً عن انه لم يتطرق الى الاسباب التي حالت دون استمرار المقاولين السعوديين بالقوة السابقة، وهي اسباب سبق وان تعرضنا لها في مقال سابق، اهمها الاجراءات المالية المعقدة في صرف حقوقهم، ما دفع معظمهم الى الافلاس والخروج من السوق. اليوم لم تصبح وزارة المال سبباً في تعثر قطاع المقاولات، والوفرة المالية لم تعد تسمح بتكرار ما حدث في الثمانينات، لكن «الهيئة العامة للاستثمار» تسلمت هذا الدور بحماسة لا تحسد عليها، فهي فتحت الباب على مصراعيه، وبلا ضوابط، امام شركات مقاولات اجنبية صغيرة ومبتدئة، وليس لها تاريخ كبير في هذا المجال، بل ان معظمها من المقاولين الموجودين سابقاً تحت نظام التستر، ومنحتهم التسهيلات كافة الى درجة ان الحمادي قال لهذه الجريدة «إن المستثمرين الأجانب يحصلون على مميزات لم نستطع كمقاولين وطنيين أن نحصل ولو على جزء بسيط منها، كما إننا لم نتساو معهم». انها مفارقة محزنة بالفعل. فخلال مرحلة الثمانينات، ومع شح الموارد، تسببت البيروقراطية الحكومية في تعطيل صرف حقوق شركات المقاولات وقتلها، وتخلت البنوك السعودية عن إقراضها والوقوف معها، واليوم تتصدى الهيئة العامة للاستثمار لحرمان المقاول السعودي من الطفرة الراهنة في مجال المقاولات من خلال قبول شركات اجنبية، متواضعة ولا تعمل بمقاييس عالمية، وغير قادرة على رفع كفاءة هذا القطاع المهم، او نقل خبرات غير موجودة، وخلق منافسة ايجابية تدعم شركات المقاولات الوطنية، ولهذا لا بد من معاودة النظر في الاسلوب الذي تعمل به الهيئة العامة للاستثمار في قطاع المقاولات، ووضع شروط تضمن حماية المقاول السعودي من حماسة الهيئة للشركات الاجنبية، وعدم السماح الا لشركات عالمية، اما فتح الباب لمقاولين مجهولين بحجة حماية الاستثمار فهذا كلام غير مقبول، وهو يشكل خطورة على مستقبل هذا القطاع المهم. من يحمي المقاول من هيئة الاستثمار؟