حبست مصر أنفاسها في الساعات الماضية عشية تظاهرات حاشدة تستعد لها المعارضة اليوم الأحد للمطالبة باستقالة الرئيس محمد مرسي الذي يواجه أكبر احتجاج شعبي ضد حكمه مع إكماله عامه الأول. ويُعتقد أن حجم التظاهرات وطريقة التعامل معها سيُحددان إلى حد كبير مصير «حكم الإخوان المسلمين». ففي حال خرجت الأمور عن السيطرة وحصلت مواجهات بين معارضي مرسي ومؤيديه، فإن الأنظار ستتجه بلا شك إلى الموقف الذي ستلتزمه المؤسسة العسكرية التي تقول إنها ستدافع عن حق المتظاهرين في التعبير السلمي عن آرائهم لكنها تخضع لشرعية الرئيس المنتخب. لكن وقوع صدامات دموية ربما يدفع المؤسسة العسكرية إلى اتخاذ موقف مختلف. وعشية تظاهرات اليوم أعلنت حركة «تمرد» أنها جمعت أكثر من 22 مليون توقيع للمطالبة بتنحي مرسي والدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية جديدة. كما لوحظ أن حشوداً ضخمة للمعارضة بدأت منذ ليل أمس في الاحتشاد في ميدان التحرير وسط هتافات لمرسي ب «إرحل»، في تذكير بالتظاهرات التي شهدها الميدان نفسه قبل عامين خلال الثورة التي أطاحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وتعمقت أزمة الرئيس المصري أمس باستقالة النواب الليبراليين في مجلس الشورى تضامناً مع مطالب المحتجين، وبمقتل ضابط شرطة كبير في سيناء على يد مسلحين مجهولين، ما زاد حنق الشرطة على النظام الذي جاهر ضباط بأنه يغل أيديهم عن التعامل مع الجماعات المسلحة في سيناء. واستبق الرئيس الأميركي باراك أوباما تظاهرات اليوم بدعوة مرسي والمعارضة إلى نبذ العنف «وبدء حوار بناء»، في وقت قلّصت السفارة الأميركية حجم بعثتها في مصر وأجلت الموظفين «غير الضروريين» وعشرات من عائلات الديبلوماسيين. وقال أوباما في مؤتمر صحافي في جنوب افريقيا أمس «نؤيد العملية السلمية والاحتجاجات السلمية والطرق السلمية لإحداث تغيير في مصر... اعتقد أن على كل الأحزاب التنديد بالعنف»، مضيفاً «نود أن تشارك المعارضة والرئيس مرسي في حوار بناء بصورة أكبر في شأن كيفية دفع بلادهم إلى الأمام لأنه لا أحد يستفيد من المأزق الحالي هناك. نحن بالفعل ندعم العملية الديموقراطية وحكم القانون وأن تشارك كل الاطراف هناك في التنازلات الصعبة الضرورية لكي يستطيعوا البدء في التركيز على الأمور التي ربما تهم معظم المصريين العاديين». ورأى أن «عدم الاستقرار في مصر قد يمتد إلى الدول المجاورة... سنحض جميع الأطراف على التأكد من أنهم لا يشاركون في العنف وأن تظهر الشرطة والجيش ضبط النفس بشكل متناسب... مصر هي أكبر دولة في العالم العربي واعتقد أن المنطقة كلها مشغولة بما إذا كانت ستستمر في حالة عدم الاستقرار هذه التي لها آثار سلبية على نحو أوسع». وكرر الأزهر، في غضون ذلك، تحذيره من «الانجراف إلى حرب أهلية بدت ملامحها في الأفق»، كما طالب بطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني المصريين جميعاً بالتزام السلمية. وزاد عدد ضحايا الصدامات بين الموالاة والمعارضة إلى 8 قتلى منهم شاب أميركي تلقى طعنة نافذة في مدينة الإسكندرية، ومراسل صحافي قضى بانفجار وسط جموع المتظاهرين في مدينة بورسعيد قالت مصادر أمنية إنه نتج عن «عبوة ناسفة بدائية الصنع». ونقل مرسي نشاطه من قصر الاتحادية الذي بدأت طلائع المعتصمين في التوافد إليه وسط إجراءات أمنية مشددة، إلى قصر القبة، واجتمع أمس مع وزيري الدفاع عبدالفتاح السيسي والداخلية محمد إبراهيم لاستعراض الاستعدادات الأمنية لتأمين المنشآت والمتظاهرين. ويتوقع مراقبون أن حجم وطريقة تصرف حشود المعارضة اليوم أمام القصر الرئاسي وفي ميدان التحرير يمكن أن يحددا مستقبل حكم «الإخوان المسلمين» لمصر. وتقول المعارضة إنها تعتزم الاعتصام لحين رحيل مرسي، لكن هناك تخوفات من تحول التظاهرات إلى صدامات دامية خصوصاً في المحافظات التي عادة ما تشهد استهدافاً لمقار جماعة الإخوان وحزبها «الحرية والعدالة». ويرابط أنصار الرئيس في ميدان رابعة العدوية في حي مدينة نصر القريب من القصر تأهباً لما ستسفر عنه مسيرات المعارضة، في حين تراقب وحدات الجيش المنتشرة في الشوارع الأوضاع الميدانية المحتقنة. وظهر من حجم الحشد في ميدان التحرير ومحافظات عدة أول من أمس أن مرسي على موعد مع «موجة ثورية» جديدة، ستكون على الأرجح الأكبر منذ توليه الحكم قبل عام. وزاد مقتل مفتش الأمن العام في شمال سيناء العميد محمد هاني على أيدي مسلحين أمس حنق عدد كبير من الضباط على نظام الحكم الجديد، خصوصاً أن اجتماعات عامة للضباط سُجل فيها اعتراضات على حماية مقار الإخوان، وغل يد الأمن في التعامل مع المسلحين في سيناء. وليل أمس طلبت دولة الامارات من رعاياها مغادرة مصر .