حشدت المعارضة والموالاة في مصر أنصارهما في تظاهرات شعبية أمس، وعكست مطالب الحشدين احتدام الأزمة السياسية وتمسك كل طرف بمواقفه، إذ تظاهرت جموع المعارضة أمام «قصر القبة» الرئاسي للمطالبة ب «إسقاط النظام» والتنديد بسياسات جماعة «الإخوان المسلمين» والرئيس محمد مرسي، في فعالية أطلقوا عليها اسم «كش ملك»، فيما رد حلفاء مرسي بتظاهرات أطلقوا عليها اسم «معاً ضد العنف» في ميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة، وكالوا الاتهامات للمعارضة، متهمين إياها ب «انتهاج العنف» وطالبوا السلطة بالتصدي لها. ونقل المعارضون تظاهراتهم من أمام قصر الاتحادية الرئاسي الذي شهد محيطه صدامات عدة بين الشرطة والشباب، إلى قصر القبة بعدما تجاهل مرسي مطالبهم وانتقل إلى القصر الأخير. وتحركت مسيرات عدة أمس إلى القصر الذي يقع في منطقة حيوية، إذ يقابله مقر الاستخبارات العامة، ويفصل بينه وبين وزارة الدفاع جسر للمشاة. وانطلقت حشود من مساجد في أحياء حدائق القبة والمطرية والعباسية، وكذلك من أمام الاتحادية إلى قصر القبة الذي نصبت قوات الحرس الجمهوري أمام بوابته الرئيسة سوراً من الحديد لمنع المتظاهرين من التقدم باتجاهه، فيما لم تظهر أي قوات أمنية في محيط القصر، كما عزفت السلطات الأمنية عن إقامة متاريس أو أسلاك شائكة أمام القصر لكبر مساحته، ما يضمن عدم تمكن المتظاهرين من استهداف بناياته الداخلية التي تبعد عن أسواره مئات الأمتار، ومحاطة كلها بحدائق واسعة. وردد متظاهرون هتافات بينها: «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم» و «الشرطة والإخوان راجعين زي زمان» و «يسقط يسقط حكم المرشد» و «أنا مش كافر أنا مش ملحد يسقط يسقط حكم المرشد»، و «بيع بيع بيع الثورة يا بديع»، في إشارة إلى مرشد «الإخوان» محمد بديع، و «اقتل واحد اقتل 100 ثورتنا ثورة سلمية» و «ارحل» و «لو قتلونا في الشوارع صوت الثورة طالع طالع». ورفع متظاهرون لافتات كتبوا عليها: «بائع البطاطا عمر مات»، في إشارة إلى الطفل عمر صلاح الذي أعلنت القوات المسلحة مسؤوليتها عن قتله بطريق الخطأ في محيط ميدان التحرير، و «أين القصاص؟» و «مين اللى قتل جنودنا على الحدود» و «ليه كل رموز النظام السابق خدوا براءة؟». وتوجهت مسيرة من حي الألف مسكن إلى وزارة الدفاع، لكن جنود الجيش اصطفوا أمام بوابة الوزارة لمنع المتظاهرين من الاقتراب. وهتف متظاهرون: «الجيش والشعب يد واحدة» و «واحد اتنين الجيش المصري فين؟»، في مطالبة ضمنية للجيش بالتدخل في الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد من شهور. وساد الهدوء ميدان التحرير الذي شهد تنظيم مسيرة جنائزية رمزية لبائع البطاطا الطفل عمر صلاح، طافت الميدان للمطالبة بالقصاص من قتلته. وردد المشاركون في المسيرة هتافات منددة ب «الإخوان» وحملوا أعلاماً ضخمة تحمل صور الشهداء عمر صلاح وعماد عفت ومينا دانيال. ونظم متظاهرون مسيرة إلى ميدان طلعت حرب تنديداً بمقتل الطفل صلاح شارك فيها عدد من ناشطي القوى الثورية المعروفة، ثم توجهت المسيرة إلى دار القضاء العالي للمطالبة بإقالة النائب العام طلعت عبدالله. وفي المحافظات، نظمت مسيرات وتظاهرات معارضة ل «الإخوان» والرئيس شارك فيها مئات كانت أكبرها في محافظة الإسكندرية التي شهدت هتافات ضد جهاز الشرطة تنديداً بوفاة حسن إبراهيم شعبان (35 سنة) الذي لفظ أنفاسه في سجن «برج العرب» في الإسكندرية بعدما أوقفته الشرطة خلال اشتباكات الأسبوع الماضي بين الأمن والمتظاهرين، وأُفيد بأنه قضى نتيجة «إهمال طبي» في علاجه من أمراض السكر والقلب التي يعاني منها. وكادت مواجهات تندلع بين مشيعي شعبان أمس وقوات تأمين مقر ديوان عام محافظة الإسكندرية لولا تدخل أهله وناشطين طلبوا من المتظاهرين اللحاق بالجنازة من دون صدامات مع الشرطة. في المقابل، تظاهر حلفاء الرئيس في ميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة في فعالية أطلقوا عليها «معاً ضد العنف» دعت إليها «الجماعة الإسلامية» وحزبها «البناء والتنمية» وشاركت فيها جماعة «الإخوان» التي قالت إن حضورها في التظاهرة «رمزي». وحشدت «الجماعة الإسلامية» أنصارها في المحافظات للتظاهر في القاهرة وأقلتهم باصات كبيرة اصطفت في شوارع مجاورة للميدان، ولوحظ حضور النساء بكثافة في الفعالية المؤيدة لمرسي، خصوصاً أن الإسلاميين دأبوا على نقل أسر بأكملها من المحافظات لإظهار وجود تأييد للرئيس وجماعته. وردد المشاركون في التظاهرة هتافات بينها: «الشعب يريد حقن الدماء» و «نعم نعم للنائب العام طلعت عبدالله» و «الشعب يريد تطهير البلاد من الفساد» و «إخوان... سلفية... جماعة إسلامية» و «إسلامية إسلامية رغم أنف العلمانية» و «مرسي هو الرئيس حد تاني غيره مفيش» و «الشعب يريد تطبيق شرع الله». وانتشرت أعلام «الجماعة الإسلامية» وحزبها وصور أميرها الشيخ عمر عبدالرحمن المسجون في الولاياتالمتحدة بتهمة الإرهاب، وصدحت المنصة الرئيسة بخطبه إضافة إلى أغان إسلامية. وألقى خطبة الجمعة القيادي في «الجماعة الإسلامية» محمد الصغير الذي انتقد تظاهرات المعارضة، وقال إن «من العار أن يلبس الفلول زي الثوار». واعتبر أن وسائل الإعلام «تُضفي شرعية على أعمال العنف، ولا تبرز الملثمين الذين يعتدون على الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة، لتشجع أعمال النهب». وندد ب «جبهة الإنقاذ» المعارضة. كما انتقد «ضعف الحكومة» في مواجهة احتجاجات المعارضة. وقال إن «اليد الضعيفة لا تبني مستقبلاً»، داعياً الشعب إلى «الدفاع عن الشرعية». واعتبر الصغير أن الإسلاميين «في حال حرب»، إذ خاطب جماعة «الإخوان»، قائلاً: «ساعة الاصطفاف تمنع من العتاب، فلا عتاب في وقت الحرب، وشعارنا حتى تضع الحرب أوزارها، إن الله ابتلاكم ابتلاء حسناً بالحكم والعالم الإسلامي ينظر إليكم». ورفع المؤيدون لافتات كُتب عليها: «الدكتور مرسي هيعيد المحاكمات وهيجيب حق اللى مات» و «يا برادعي قُل لصباحي الشعب المصري صاحي» و «هما اتنين مالهمش أمان النخبة والإعلام» و «نحن للدين الفداء نحن لمصر الفداء» و «أيام البنا كانت البداية للنهضة»، في إشارة إلى مؤسس جماعة «الإخوان» حسن البنا، و «الشعب يريد ايد من حديد». وشارك في التظاهرات قياديين في قوى إسلامية، منهم القيادي في حزب «الوسط» عصام سلطان الذي انتقد «جبهة الإنقاذ» في شدة، وعضو مجلس شورى «الجماعة الإسلامية» عاصم عبدالماجد الذي حيا والدة خالد الإسلامبولى قاتل الرئيس الراحل أنور السادات التي شاركت في التظاهرة، قائلاً: «أهلا وسهلا بأم الشهيد». ومن رموز جماعة «الإخوان»، حضر التظاهرة الناطق باسم الجماعة أحمد عارف والقيادي فيها محمد البلتاجي الذي قال إن الإسلاميين «قادرون على حشد الملايين إن أرادوا».