تسجل المصارف المغربية، شحاً واضحاً في السيولة بسبب حاجة الخزينة العامة إلى التمويل الضروري لمعالجة الخلل في الحسابات الكلية وعجز الموازنة، وسط تراجع الادخار الوطني، وانخفاض التحويلات الخارجية وتباطؤ أداء الاقتصاد المغربي. ومنح المصرف المركزي المصارف التجارية قروضاً قصيرة الأجل بقيمة 44 بليون درهم (5.16 بليون دولار)، للتغلب على صعوباتها النقدية. لكن هذه المبالغ اعتُبرت غير كافية ولا تعالج أزمة المال، التي تحتاج 74 بليون درهم، لتمكين المصارف من مواصلة تقديم القروض للشركات والأفراد، وتمويل قطاعات حيوية مثل العقار والصناعة والسياحة والمشاريع الصغرى والمتوسطة. وساهم عجز الخزينة المقدر ب 65 بليون درهم في تجفيف الفوائض المالية، إذ عمدت المصارف إلى شراء سندات الخزينة ما قلص حجم السيولة النقدية في السوق المحلية. وكانت أسعار الفائدة المرجعية للسندات ارتفعت بين 50 إلى 102 نقاط أساس، لتشجيع مؤسسات التمويل على شراء الديون الحكومية. وأفادت مصادر مطلعة، بأن بعض المصارف الكبرى مثل «التجارة وفا بنك» و «المغربي للتجارة الخارجية»، قررا اللجوء إلى السوق المالية الأوروبية لاقتراض نحو بليوني يورو على مراحل، لمواجهة العجز المزمن في السيولة، وتوسيع النشاط المصرفي في عدد من مناطق العالم خصوصاً في القارة الأفريقية، التي تملك المصارف في 13 دولة فيها فروعاً. ونتيجة ضعف الموارد المالية للشركات، تراجعت القيمة الرأسمالية للبورصة المغربية، التي خسرت نحو 9.4 بليون درهم في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي بفعل ضعف التداول. ورأت مصادر أن غياب رؤية واضحة من الفاعلين السياسيين قلّص الطلب على أسهم البورصة، ودفع بعض المستثمرين إلى البحث عن أسواق جديدة في الداخل والخارج. واعتبر تقرير المصرف المركزي الأسبوع الماضي، أن معدل القروض الممنوحة للشركات والأفراد، «زادت نحو نقطة عما كانت عليه في الربع الأول. لكنها تظل ضعيفة خصوصاً في قطاعات مثل العقار والتجهيز المنزلي والاستهلاك». ولفت إلى أنها «مؤشرات تدلّ على حجم الأداء الاقتصادي، الذي يراهن على القطاع الزراعي وتحسين تراكمي في القطاع السياحي، في انتظار انفراج الأوضاع السياسية في بلدان الربيع العربي، وتحسن الأوضاع الاقتصادية في دول الاتحاد الأوروبي. وهما إلى جانب المطر محددات حاسمة في وضع الاقتصاد المغربي، الذي يترقب نمواً يتراوح بين 4 و5 في المئة هذه السنة، بعد تسجيل نمو ضعيف العام الماضي لم يتجاوز 2.7 في المئة، وهي النسبة المتوقعة عام 2014، وفق المندوبية السامية في التخطيط. إلى ذلك، وقع وزير المال والاقتصاد المغربي نزار بركة مع رئيس صندوق أبو ظبي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية اتفاقاً لمنح المغرب دعماً إماراتياً بقيمة 1.25 بليون دولار، في إطار برنامج دول مجلس التعاون الخليجي تقديم مساعدات بقيمة خمسة بلايين دولار على مدى خمس سنوات لمساعدة المغرب على تمويل بعض المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، ولتعزيز التعاون الاستراتيجي.