بدأت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تنعكس سلباً على السيولة النقدية لدى المصارف التجارية المغربية، التي تقلصت مواردها بسبب تراجع تحويلات المهاجرين وعائدات السياحة والتدفقات المالية الاجنبية، على رغم تسجيلها أرباحاً كبيرة في النصف الأول من السنة، بلغت 250 مليون دولار بالنسبة إلى «التجاري وفا بنك»، و205 ملايين ل «البنك الشعبي». وقرر المصرف المركزي خفض الاحتياط الإلزامي للمصارف الى ثمانية في المئة من رأس المال من 10 في المئة، لتأمين سيولة اضافية بقيمة بليون دولار، وهو ثالث خفض هذه السنة بعدما كان الاحتياط 12 في المئة. وتقرر الخفض بعد زيادة الاعتماد على المصرف المركزي منذ اندلاع الأزمة في الربع الثالث من عام 2008. ولفت «المركزي» إلى تراجع الإقراض، خصوصاً في قطاع العقارات والمنازل، وإلى ان معدل القروض تراجع من 19 الى 14 في المئة خلال الصيف، بعدما كان يزيد على 25 في المئة في النصف الثاني من العام الماضي، و45 في المئة قبل سنتين. وحذّر من ان ارتفاع التضخم قد يزيد معدلات الفائدة ما يرفع كلفة القروض للأسر والافراد. وكانت مصارف تجارية زادت أسعار الفائدة المدينة ربع نقطة مئوية للقروض العقارية في الصيف، لتعديل الأسعار نتيجة تراجع الطلب على المنازل بسبب الأزمة التي طالت المغتربين في أوروبا، وهم اكبر زبائن قطاعي العقارات والسياحة باستثمارات بلغت بليون دولار العام الماضي. وقررت الحكومة فتح اسواق المال المغربية بغية جلب مستثمرين مؤسسيين محليين وأجانب الى البورصة وقطاع التأمين والمصارف لزيادة حجم التمويلات الضرورية للاستثمار، خصوصاً في البنية التحتية والمشاريع الكبرى. وتُقدّر قيمة اسواق المال المحلية بنحو مئة بليون دولار ترغب الرباط في مضاعفتها في السنوات المقبلة ورفع عدد الشركات المدرجة في البورصة الى 150 عام 2012. وأشار مشاركون في ندوة حول أسواق المال المغربية، ان الاقتصاد يحتاج الى تمويلات كبيرة يمكن جمعها من شركات التأمين وصناديق التقاعد والمصارف والبورصة، واعتبر آخرون ان صناديق التعاقد تملك موارد مالية تزيد على 200 بليون درهم (25 بليون دولار) يمكن توظيفها في شكل جيد لزيادة العائدات ومعالجة الاختلالات في الصناديق. ونصح «المركزي» الحكومة والشركات باستخدام آليات السوق المالية الدولية (بسبب خفض كلفتها) في تمويل برامجها الاستثمارية، لأن ديون المغرب تراجعت في السنوات الأخيرة في شكل كبير وهي لا تمثّل سوى 47 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في مقابل 106 في المئة في الثمانينات.