أدت المواجهة السياسية في لبنان والأزمة المتصاعدة في سورية إلى عرقلة النمو الاقتصادي في لبنان عام 2012 ليسجل 1.1 في المئة، كما يُتوقع أن يستمر هذان العاملان بالتأثير سلباً في سير الاقتصاد، وفق التقرير نصف السنوي للبنك الدولي الذي صدر من بيروت. وأضاف التقرير أن «الزيادة الكبيرة في الاستهلاك الحكومي أدت إلى الحد من التباطؤ في النمو عام 2012، بينما بقي الاستهلاك الخاص ضعيفاً بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة». ولفت إلى أن «التباطؤ الحاد في قطاع الخدمات، خصوصاً في مجال السياحة، كان له الأثر الأكبر في تراجع معدلات النمو، وفي حال طرأ تحسن في الأوضاع السياسية والأمنية، خصوصاً خلال النصف الثاني من السنة، فتشير التوقعات إلى إمكان أن يرتفع النمو إلى 2.2 في المئة، بيد أن العوائق ما زالت كبيرة وما زال اتجاه النمو مثقلاً بالأخطار ويميل نحو الأسفل». وأضاف أن «التوسع المالي الحاد الذي شهده الاقتصاد اللبناني العام الماضي خلق تحديات كبيرة، لا سيما في سياق الوعود المتعلقة بزيادة رواتب موظفي القطاع العام، إذ حجم هذا التوسع نسبة مقلقة قدرت بنحو 1.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما بلغ العجز المالي الإجمالي 4.1 في المئة من الناتج المحلي، أكثر من ثلثه سببه الانخفاض الحاد في الإيرادات نتيجة الإعفاء الضريبي الجديد على القيمة المضافة لمادة المازوت». وأشار إلى أن «الجزء المتبقي من العجز سببه ارتفاع الإنفاق على الأجور والرواتب بعد التعديل الملحوظ في مخصصات كلفة المعيشة». ولفت التقرير إلى أن «عجز ميزان المدفوعات ضاق العام الماضي نتيجة تحسن تدفقات رأس المال، التي تُعتبر قصيرة المدى إذ أنها ناجمة عن ارتفاع في هامش الفوائد المحلية الدولية». وحافظ حجم احتياط النقد الأجنبي على مستوى مرتفع واستمر في تغطية 17 شهراً من الواردات، بينما استمر العجز التجاري في الانكماش في ظل تراجع النشاط الاقتصادي، ولو بوتيرة أبطأ من المتوقع بسبب تداعيات الأزمة السورية. وأشار التقرير إلى «ارتفاع الضغوطات الناتجة من التضخم على رغم فتور النشاط الاقتصادي، إذ تسارعت نسبة التضخم في شكل ملحوظ خلال النصف الثاني عام 2012 ليسجل 3.2 في المئة»، مؤكداً الحاجة إلى استبدال البضائع السورية المتدنية الأسعار بسلع مستوردة أكثر كلفة. وشدد على أن «استقبال النازحين السوريين يؤثر سلباً وفي شكل حاد في الاقتصاد اللبناني، أما العامل الأهم فهو تراجع الوضع الأمني الناتج من تداعيات الأزمة السورية والتي تمس قلب النسيج المجتمعي في لبنان». واعتبر أن «الخاسر الأكبر كان القطاع السياحي، بينما أثبت قطاع العقارات وقطاع المصارف قدرة على الصمود في وجه الأزمة». وأضاف أن «زيادة الأجور ستُضعف الاقتصاد من خلال استعادة ديناميكية ديون غير قابلة للاستمرار، إضافة إلى فرض المزيد من الضغوطات على نظام تثبيت سعر العملة، وانخفاض في مستوى النمو، وارتفاع في مستويات البطالة».