أظهر التقرير السنوي للمصرف المركزي التونسي أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البلاد تراجع العام الماضي 33 في المئة، ولم يتجاوز 972 مليون دينار (650 مليون دولار). وفيما كان متوقعاً أن يكون معدل النمو الاقتصادي سلبياً نتيجة تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المحلي المرتبط بالاقتصادات الأوروبية، سجّل المعدّل 1.3 في المئة، بفضل المحاصيل الزراعية الجيدة والسيطرة على الطلب الداخلي، بخاصة الاستهلاك الخاص والاستثمارات العمومية. وأشار التقرير إلى أن إيرادات البلد العمومية تأثرت سلباً من تباطؤ النمو الاقتصادي لدى شركاء تونس الرئيسيين، وفي مقدمهم الاتحاد الأوروبي، فيما زادت نفقات موازنة الدولة لدعم الاستثمارات في مجالي البنية التحتية والتجهيزات الجماعية، ولمساعدة الاستثمارات الخاصة على دفع النشاط الاقتصادي. وقدر التقرير عجز الموازنة ب3 في المئة من الناتج المحلي، لكن نسبة الدين العمومي تراجعت من 9.24 في المئة من الناتج في 2008 الى 3.34 فقط. ومن المؤشرات الإيجابية أيضاً تأمين 57 الف فرصة عمل والتحكم في معدل التضخم. وقال حاكم «المركزي» التونسي توفيق بكار فى الرسالة التي قدم بها للتقرير، إن تسريع نسق الاستثمارات العمومية أتاح تعويض تباطؤ الاستثمارات الخاصة التى تراجعت حصتها من 5.16 في المئة الى 4.75 من إجمالي تكوين رأس المال الثابت. وارتفع التوفير الوطني 5.8 في المئة في 2009 إلى 149.21 مليون دينار (103 ملايين دولار) ما مكّن من تغطية 98 في المئة من حاجات تمويل الاستثمار في مقابل 58 في المئة قبل عام. وحضّ التفرير على «مزيد من الحذر واليقظة والمثابرة لتعميق الإصلاحات». وفي سياق متصل أظهرت إحصاءات غير رسمية أن الوضع الاقتصادي أبصر تحسناً خلال العام الحالي فازدادت التبادلات التجارية في الأشهر الثمانية الأولى من العام 20.6 في المئة للصادرات و29.6 للواردات، وكانت النسبتان سلبيتين في 2008. وإلى القطاع الزراعي ازدادت الصادرات في القطاعات الأخرى. وألحق تراجع المحاصيل الزراعية أضراراً في الميزان التجاري بعجز 695 مليون دينار (465 مليون دولار)، إذ تراجعت الصادرات الزراعية 7 في المئة وزادت وارداتها 22. وتقدّم قطاع الطاقة القطاعات المنتعشة، فحققت صادراته زيادة ب 38.8 في المئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، في مقابل تراجع 37 في المئة في الفترة ذاتها من العام الماضي. وعزا خبراء هذه النتائج إلى المساعدات التي قررتها السلطات لدعم الشركات المصدّرة التي تواجه صعوبات. يُذكر أن الإجراءات التي اتُخذت لدفع الانتعاش في القطاعات المصدرة أتاحت إنقاذ نحو 102 ألف فرصة عمل كانت مهددة نتيجة الأزمة الاقتصادية. وركزت موازنة العام المقبل التي درسها مجلس الوزراء على محاور رئيسة ثلاثة، تسريع وتيرة النمو في القطاعات المنتجة والسيطرة على البطالة، والحد من عجز الميزان التجاري، وتخفيف الضغط على المدفوعات الخارجية. موازنة العام المقبل وحدد المجلس الموازنة للعام المقبل ب18.335 بليون دينار (16.2 بليون دولار) ما يعني زيادة ب 5.4 في المئة قياساً إلى موازنة العام الحالي. وقُدرت الاعتمادات المخصصة لدعم أسعار المواد الأساسية والمحروقات والنقل العمومي ب1.5 بليون دينار، ما يعكس الحرص على استتباب الاستقرار الاجتماعي ومنع حدوث «خضات» بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة مع ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية. وتسعى تونس إلى تكثيف استقطاب الاستثمارات الخارجية العام المقبل لتزيد فرص العمل المتاحة للخريجين العاطلين، وعددهم 500 ألف.