تؤدي مجموعات الطوارق لعبتها في مالي منذ عشرين عاماً، تخدع الناس وتنقسم إلى مجموعات أصغر وتغير أسماءها بلا توقف. تحول تنظيم «أنصار الدين» إلى «الحركة الإسلامية في أزواد» التي تنتمي بدورها إلى «المجلس الأعلى لوحدة أزواد». نحن نضيع في هذه المتاهة الدينية - السياسية - المافيوية. لكن الفقراء والأقل تعلّماً هم دائماً من يُرسَلون إلى الميدان حيث يتعرضون للقتل وليس الزعماء، أصحاب التعليم العالي الممتاز والذين يتكلمون خمس لغات. فهؤلاء يجذبون الخيوط ويسحرون باريس التي تنظر إليهم بعين العاشق: يا للرجال الزرق... لقد فرض رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري والمجتمع الدولي الضغوط على مجموعات الطوارق. ووقع الطوارق على الاتفاق [مع الحكومة المالية في عاصمة بوركينا فاسو، واغادوغو يوم 18 حزيران (يونيو) الحالي ويتيح إزالة العقبات أمام إعادة الإعمار لكنه يبقي مناطق من شمال مالي في أيدي المقاتلين الطوارق]، لأنهم باتوا تابعين ومنهكين ومرغمين على التوقيع. على رغم ذلك، لن يحترموا توقيعهم. وعلى غرار ما جرى في 1994 عندما وضعنا أنفسنا مكان جيش مالي في الشمال لفرض احترام حقوقنا في مواجهة أعمال النهب والتهديد الانفصالي الذي تصاعد. ولا يفهم زعماء الطوارق، سواء كانوا من «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» أو من «المجلس الأعلى لوحدة أزواد»، إلا بموازين القوى. وهذه تميل إلى غير مصلحتهم الآن، لكن من يقول إننا لن نعود إلى الحديث عن الشمال بعد ستة أشهر أو عامين؟ ومن المستبعد أن تتمكن قوات الأممالمتحدة التي سيصل عددها إلى اثني عشر ألف جندي في شمال مالي، من السيطرة على مناطق بهذا الاتساع. ومن المستبعد أيضاً ان تتفوق قوات الأممالمتحدة على جميع الطوارق وغيرهم من عناصر الميليشيات المسلحة. ولا تعلم المجموعة الدولية عدد الرجال المسلحين والمقاتلين. ولدى هؤلاء قدرة مدهشة على إعادة التجمع. نعتقد أنهم هزموا، لكنهم يعيدون تنظيم أنفسهم في أمكنة أخرى. ويعودون أقوى من السابق وباسم جديد. ولن نلقي سلاحنا وفق اتفاق السلام الأخير الذي يتضمن نزع سلاح الميليشيات. لقد وقعنا في فخاخ كثيرة في الماضي. ولن نلقي أسلحتنا إلا عندما تبدأ مجموعات الطوارق عملية نزع سلاح فعلية بإشراف الأممالمتحدة. وهذا ما أوضحته لبليز كومباوري. وقلت له إن نزع السلاح لا يعني أننا سنتخلى عن التعامل مع السلاح، سنتابع إعداد شبابنا. فأمام هذا التهديد الذي ضعف في هذه اللحظة، يريد أنصارنا أن يصبحوا نوعاً من إسرائيل، ضرباً من يهود الشمال، يستطيعون أن يدافعوا عنا يوماً ما عندما سيتجدد، لا محالة، العدوان. * عضو «الجبهة الوطنية للمقاومة» في مالي المناهضة «للحركة الوطنية لتحرير أزواد» و «للمجلس الأعلى لوحدة أزواد» اللذين يمثلان الطوارق، عن «ليبراسيون» الفرنسية، 20/ 6/ 2013، إعداد حسام عيتاني